زواج جرائد
لطالما سمعنا بمصطلح "كلام جرائد" عند التهكم والتشكيك في معلومة معينة صدرت عن جريدة ما، ولطالما قلنا عن الجرائد أنها تبيع كلاما لأفراد المجتمع لا أكثر ولاأقل، ورغم التشكيك ووضع مصداقية الجرائد على المحك إلا أنها لم تفقد أبدا قيمتها لدى القارئ، تطورت الجرائد في أحضان المجتمع وأصبحت مادة ضرورية إلى حد ما، مثلها مثل أي مادة غذائية بسيطة وبسعر في المتناول
تقدم الجرائد خدمات عديدة للقراء وللمواطنين ولجهات معنية أخرى منها : نشر الإعلانات ، الشكاوي ، النداءات وخدمات اجتماعية أخرى ، ومنها نجد خدمة "التزويج عن طريق مراسلة الجريدة" حيث يقوم القارئ المهتم بهذا الموضوع بمراسلة الجريدة ببياناته الشخصية (بيانات الهوية) و قسيمة المشاركة التي تتبين الجريدة من صحة معلوماتها ثم تقوم بإرفاق كل طلب جاد برقم تسلسلي يمثله حسب الجنس ، ينشر تحت الرقم ولفائدته مع مجموعة صفات شكلية وبيانات شخصية وما يريد توفره في الطرف الأخر وكل هذا في الصفحة الخاصة بهذه الخدمة ويكون على المهتمين برقم معين مراسلة الجريدة للاستفسار عن بياناته وطرق الاتصال به بغرض الارتباط ، نتج عن هذه الخدمة العديد من الزيجات الناجحة والفاشلة وحتى لم تكن هناك زيجات أصلا .. وهو ما تعلق بالخداع والاحتيال في مرات عديدة .. باستعمال بيانات هوية مزيفة وحتى انتحال شخصيات وهمية .. وهو ما يدعونا للتساؤل بما أن الزواج رابط وثيق ونصف الدين ، وجب التخطيط له مسبقا بعقل وحسن اختيار ودراسة جيدة للخطوات بما انه يبني أسرا ..
هل ينجح زواج تم عن طريق جريدة ؟...هل هو زواج جاد ؟ هل بناء زواج على تعارف جرائدي هو أمر سديد؟.. وغيرها من الأسئلة الواجب طرحها هنا.
ليس عيبا الزواج بهذه الطريقة فلكل ظروفه ، والظروف العامة التي حتمت على أبناء المجتمع الزواج هكذا لعدة اعتبارات نجد في مقدمتها نسبة العنوسة المرتفعة بين الجنسين ، غلاء المعيشة ، البطالة ، غلاء المهور ، عادات وأعراف مجتماعاتية بالية ومكلفة.. و هو ما جعل زواج الجرائد يظهر كوسيلة أخرى مساعدة على إكمال نصف الدين ومسهلة للتلاقي والتعارف في إطار بناء علاقة ارتباط ثم زواج حيث أنها تسهل للطالب وللعارض فرصة التلاقي بينهم في النقاط المشتركة مادية ومعنوية كانت وشكلية.. فيما يبقى الاختيار متاحا للجميع وبكامل حرية .. وأحيانا يكون ذلك الخيار في غير محله فتنتج الصراعات والخلافات وسوء التفاهم .. وأحيانا يصل الأمر لأروقة المحاكم لفض النزاع بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك الروابط والعلاقات ..
الملام في كل هذا ليست الجريدة لأنها الوسيط ولا اللاجئين لتلك الجرائد ، الملام هنا هو المجتمع الذي لا ينأى في التضييق والتصعيب على أبنائه ذكورا وإناثا في موضوع الزواج تحديدا، والملام الأخر هو ظروف الحياة الصعبة التي صعبتها المادة تحديدا وهو ما فرض على بعض الناس اللجوء لطلب الزواج على صفحات الجرائد كحل أخير للخروج من دائرة التضييق واجتناب الشبهات ! وبغض النظر عن سداد هذه الطريقة أو لا ....
أميرة بعتاش / سنة 3 سمعي بصري ـ جامعة باتنة ـ