- التفاصيل
- المجموعة: قطعة وحكاية
- الزيارات: 455
من فرنسا - الطيار رولان غاروس
رولان غاروس طيار ومحارب فرنسي ورياضي محترف في سباق الدراجات، ولد عام 1888، وكتب اسمه في التاريخ بكونه أول طيار يحلق فوق البحر الأبيض المتوسط. وتكريما لجهوده في ابتكار طائرة حربية في الحرب العالمية الأولى، أصبح اسمه رمزا لبطولات التنس العالمية.
المولد والنشأة
ولد رولان جورج غاروس في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1888 بسانت دينيس، عاصمة جزيرة ريونيون التابعة لفرنسا، ونشأ بعدها في مدينة سايغون الفيتنامية.
في سن الـ12 تعرض لأزمة التهاب رئوية، فأُرسل إلى فرنسا للتعافي، ونصحه الأطباء وقتها بممارسة الرياضة لتحسين جهازه التنفسي، فلمع نجمه وقتها في رياضات منها كرة القدم والكرة المستطيلة (الرغبي) وركوب الدراجات، واستطاع معالجة جهازه التنفسي تماما.
الدراسة والتكوين العلمي
في سن الـ12 غادر سايغون ليدرس في مدرسة داخلية بباريس. حصل على شهادة في الدراسات التجارية من مدرسة الدراسات الاقتصادية العليا في باريس (École des hautes études commerciales de Paris) عام 1908 تحقيقا لرغبة والده، وبدأ مشروعه الخاص بإنشاء وكالة لبيع السيارات في سن 21.
شغفه بالطائرات
كانت نقطة التحول في حياته يوم دعاه أحد أصدقائه لحضور عرض "أسبوع الطيران في شامبانيا" (Grande Semaine d’Aviation de la Champagne) خلال عطلته الصيفية في أغسطس/آب 1909، حيث يقع في حب الطائرات المحلقة فوقه، ولتعزيز هوايته الجديدة اشترى طائرته الخاصة وتدرّب بنفسه على التحليق بها.
ورغم أن غاروس قد نجح في مشروعه التجاري في بيع السيارات، فإنه قرر إنهاءه سريعا ليلتزم بالكامل بمجال الطيران.
وبعد عامين من ولادة شغفه بالطائرات، حطم أول رقم قياسي في الارتفاع بالطيران إلى 3950 مترا انطلاقا من شاطئ سانت رافاييل بمدينة فريجوس جنوبي شرقي فرنسا.
لكن الطيار النمساوي فيليب فون حطم رقمه القياسي، فأُشعِلت فيه روح التنافس واستعاد الرقم القياسي للارتفاع بالطيران عندما بلغ 5500 متر تقريبا.
شارك غاروس بعد هذا النجاح في سلسلة من عروض الطيران، وأذهل مشاهديها بشجاعته وعروضه المميزة، وسرعان ما كسب مئات المشجعين الذين أتوا خصيصا من أميركا وأوروبا لرؤيته وهو يحلق.
ذهب بعدها للتدرب في الولايات المتحدة مع الطيار جون مويسانت، وشارك في العرض الجوي الخاص به، قبل أن يعود إلى فرنسا عام 1911 وينطلق في رحلة جوية إلى البرازيل نهاية العام نفسه.
أذكت تجربته الأخيرة رغبته في التحليق فوق البحر، وهو شيء لم يحدث من قبل في زمانه، فقرر رفع التحدي بالتحليق فوق البحر الأبيض المتوسط.
في 23 سبتمبر/أيلول 1913 تم تحديد موعد انطلاق المغامرة عند الساعة 5:47 فجرا، جهز طائرته أحادية السطح المخصصة للسباقات من طراز "موران سالونيي" (Morane-Saulnier)، وانطلق من بلدة سانت رافاييل باتجاه مدينة بنزرت شمالي تونس.
انطلق وفي خزان طائرته 200 لتر من الوقود، و60 لترا من زيت الخروع، واستطاع خلال الرحلة التي استغرقت 8 ساعات أن يصلح عطلا في المحرك ويهبط بسلام عند الساعة 1:40 ظهرا قاطعا مسافة 780 كيلومترا، ولم يتبق في خزان وقوده وقتها سوى 5 لترات، ليحصل على لقب أول طيار يقطع البحر في العالم.
من طائرة استطلاع إلى طائرة حربية.. اختراع قلب موازين الحرب العالمية الأولى
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، كان غاروس في ألمانيا التي كانت تقدم عروضا استعراضية في الطيران وتدرس الطيران العسكري، وبما أنه من دولة عدوة كان من الممكن أن يتم اعتقاله، فهرب في منتصف الليل طائرا إلى فرنسا.
انضم غاروس للخدمة العسكرية فور وصوله، وشارك في القتال في مهمة طيار استطلاع مزود بطائرات "موران-سولونيي النوع إل" (Morane-Saulnier Type L).
وخلال معركة إيبرس ضد الألمان، لاحظ كيف كان من الصعب إطلاق النار من بنادق محمولة باليد أثناء التحليق، فذهب إلى شركة تصنيع الطائرات الفرنسية "موران سولونيي" (Aéroplanes Morane-Saulnier) مقترحا تركيب سلاح رشاش في مقدمة الطائرة.
اختار تثبيت مدفع رشاش من نوع "هوتشكيس إم 1909" (Hotchkiss M1909)، لكن ثبت عدم نجاعته، لأن الطلقات كانت ترتطم بشفرات المروحية فتسبب خرما فيها.
طوّر غاروس آلية لإطلاق النار تتفادى إتلاف شفرات المروحة الأمامية للطائرة، فدعَّم المروحيات الخشبية بألواح فولاذية من الخلف لحمايتها من رصاصات الرشاش، ومنعها من الارتداد باتجاه الطيّار.
كانت الطائرات قبل اختراع غاروس تُستعمل للاستطلاع الجوي والاكتشاف، ورغم أن سلاحه الجوي قد صنع بأدوات بدائية، فإن ما قدمه شكّل نقلة ثورية في مجال الطيران الحربي.
استطاع الملازم الأول غاروس أن يحقق 3 انتصارات بإسقاط 4 طائرات خلال أسبوعين مع اختراعه الجديد، حتى سقط بمنطقة الألمان يوم 19 أبريل/نسيان 1915 داخل الأراضي البلجيكية.
حاول غاروس حرق طائرته قبل أن يقع أسيرا بأيدي الألمان، لكن الوقت لم يسعفه، واستطاع الألمان سرقة الفكرة وأرسلوها لمصنّع الطائرات الهولندي أنتوني فيكر، فطوّرها وقدم سلاحا جويا أكثر فتكا وعدَّل مزامنة إطلاق الطلقات مع حركة المروحية كي لا تتلف، مما تسبب في خسائر فادحة لدى الحلفاء.
بقي غاروس في الأسر 3 سنين قبل أن يستطيع الهرب متخفيا بزيّ جندي ألماني مع الملازم أنسليمي مارشال، وتنقل بين النوم في المقابر والسينما ثم استطاع عبور هولندا إلى فرنسا، قواه كانت منهكة، وصحته سيئة، وضعف بصره، مما اضطره لصناعة نظارات في الخفاء بشكل سريع حتى يستطيع الطيران مرة أخرى.
خلال أسره استطاع تهريب رسائل مشفرة وخرائط من الجانب الألماني عن طريق مضرب تنس مجوف، وبعد عودته طلب منه رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك جورج كليمنصو البقاء في منزله والعمل مستشارا، لكنه رفض العرض، وقرر العودة لميدان المعركة من جديد طيارا حربيا رغم ضعف بصره.
مقتله
قبل أن يحتفل رولان غاروس بنصره الرابع قتل في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1918 وهو في سن الـ30 على أيدي الألمان.
بطولة رولان غاروس للتنس
بعد 10 أعوام من وفاته، تكريما له طلب إميل ليزيور لاعب "الرغبي"، وهو زميل سابق لغاروس في مدرسة الدراسات الاقتصادية العليا، أن يتم تسمية الملعب الذي بني من أجل "كأس ديفيز" (كأس العالم للتنس) على اسم زميله رولان غاروس.
وفي العام 1928 تحوّل اسم البطولة بالكامل لاسم رولان غاروس، فبقي اسمه رمزا لبطولات التنس الدولية.
الإنجازات
- حصل على الجائزة الكبرى لنادي الطيران بفرنسا (Grand Prix de L’Aero-club de France) في يونيو/حزيران 1912، وتبرع بطائرته للجيش الفرنسي.
- حصل على المركز الثاني خلال أحد سباقات الطيران في أوروبا بين باريس ولندن.
- كان بطلا في رياضات الدرجات الهوائية، وفاز ببطولة مدرسية عام 1906.
- أول طيار يقطع البحر الأبيض المتوسط في رحلة استمرت 8 ساعات.
- أول طيار حربي يقاتل بطائرة، وأول طيار يسقط طائرة باستخدام مدفع رشاش.
- سمي المطار الموجود في جزيرة "ريونيون" التي ولد فيها باسمه تكريما له.
- حملت بطولة فرنسا المفتوحة اسمه تكريما له بعد مرور 10 سنوات على وفاته.
- تكريما له أطلقت شركة "بيجو" (Peugeot) للسيارات سلسلة طرازات تحت اسم رولان غاروس.
- تم إسقاط 5 طائرات خلال الحرب العالمية الأولى بفضل ابتكاره بتثبيت سلاح رشاش على طائرته، 3 منها أسقطت على يده.
Comments powered by CComment