مقدمة المترجم : الحمد لله رب العالمين الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين . والصلاة والسلام على هذا النبي محمد وعلى آله وأزواجه وأتباعه ومن والاه إلى يوم الدين .
أما بعد .
فإن هذا الكتاب " محمد ( صلى الله عليه وسلم ) المثال الأسمى " يعرض كما هو ظاهر من عنوانه لجوانب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته وآثاره على العالمين . وقد قسمته إلى قسمين :
الأول : بقلم الداعية الإسلامي المجاهد أحمد ديدات . وسميته " محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وما يسطرون " .
والثاني : كتاب من تأليف ك. س. رامكرشنة راو أستاذ الفلسفة بجامعة ميسور فـي الهند . وقد ترجمته عن الطبعة الإنجليزية الصادرة عن المركز العالمي للدعوة الإسلامية بدربان في جمهورية جنوب إفريقية الذي يرأسه الداعية الإسلامي المجاهد أحمد ديدات .
وعنوان الكتاب بالإنجليزية كما يلي :
( Mohammed the Prophet of Islam ) .
وترجمته : " محمد نبي الإسلام " .
وحين أقدم هذا الكتاب لقراء العربية لا أهدف أساسا إلى تقديم وجهة نظر الشرق في محمد صلى الله عليه وسلم ، في مقابل مؤلفات أخرى كثيرة تناولت وجهة نظر الغرب فيه ، باعتباره رجلا أثر في العالم تأثيرا بارزا وباقيا ، فمحمد صلى الله عليه وسلم بحياته وآثاره فوق شهادة جميع المفكرين والفلاسفة والمؤرخين الذين عرضوا له بالترجمة ، وإنما قصدت أن أقدم مُؤَلَّفَاً يظهر عالمية محمد صلى الله عليه وسلم ، ويبرهن على أن بعثته ورسالته كانت وما تزال رحمة تشمل العالم شرقه وغربه – بكل تناقضاته وصراعاته وتطلعاته وآماله ..
كما أنه يقدم وجهة نظر الأستاذ ك. س. رامكرشنة راو وهو رجل هندوسي شرقي مثقف معاصر ذو مكانة علمية وأدبية معتبرة ، يمثل مجتمعا شرقيا يحمل تقاليدا وقيما وتراثا فكريا وثقافيا وحضاريا مختلفا عن تلك التي يحملها المجتمع الغربي .
إن قيمة هذا الكتاب ترجع لعرض مؤلفه للرسول والرسالة والمسلمين عرضا علميا وتاريخيا حاول فيه أن يكون محايدا .. فيبين فضائل نبي الإسلام وفضل الإسلام على العالم . ويرد على بعض الشبهات والافتراءات التي أثارها حوله أعداؤه من المستشرقين وغيرهم من الحاقدين ..
وأقرر ابتداءً عدم اتفاقي مع الأستاذ رامكرشنة راو في بعض آرائه الشخصية وغيرها من الأفكار التي أوردها في كتابه نقلا عن غيره مما استلزم تعقب هذه الأفكار وتصحيحها بقدر علمي واستطاعتي وذلك بواسطة التعليق بالهامش . ولكن هذا لا يقلل من أهمية الكتاب وقيمته فهو بصفة عامة محاولة جادة نحو فهم علمي وتاريخي محايد للرسول والرسالة والمسلمين .
والكتاب على صغره يعرض لكثير من الجوانب الهامة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والرسالة بأسلوب سهل يجمع بين وضوح الفكرة ودقة العبارة ..
إنه بمثابة رحلة في أعماق التاريخ ومحاولة للكشف عن جوانب شخصية الرسول العظيمة واستخلاص العبرة مـن حياة محمد النبي صلى الله عليه وسلم والمثال الأسمى للعالمين .
وقد اختار الداعية المجاهد الأستاذ أحمد ديدات هذا البحث الجيد وقام بطبعه ونشره باللغة الإنجليزية ليصدر عن المركز العالمي لنشر الإسلام بجنوب إفريقية والذي يشرف عليه ديدات .
وفي نهاية الكتاب قدمنا آخر محاضرة ألقاها الأستاذ أحمد ديدات في مكة المكرمة تحت عنوان " الكتاب المقدس يؤكد نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم " .
والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل .
محمد مختار
5 رجب سنة 1412 هجرية
الموافق 10 يناير سنة 1992 ب. م.
محمد صلى الله عليه وسلم
وما يسطرون
المحمديون ؟
إن الغربي خبير في اختراع الأسماء . وعندما اخترع المصابيح الكهربائية المتوهجة الضياء أطلق عليها " مصابيح مازدا " . و " مازدا " هو " إله النور " عند " الزرادشتيين " ([1]) . وفي جنوب إفريقية يحقق السكان ذوو الأصل الأوربي نجاحا فائقا من بيع سمن صناعي نباتي إسمه " راما " ([2]) . و " راما " هو " الإله البشري " عند عدد كبير من السكان هنا ([3]) . إن الرجل الأبيض يصف نفسه بأنه مسيحي لأنه يعبد المسيح . وهو يسمي من يعبد " بوذا " " بالبوذي " . وبنفس المنطق فإنه يسمي المسلم " محمدي " لافتراضه أنه " أي المسلم " يعبد محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) . ولكن حقيقة الأمر أنه لا يوجد أي امرؤ من بين الألف مليون مسلم في العالم يفعل ذلك . ودعنا نفترض أنه ثمة مجنون يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم والذي يمكن أن يسمى محمديا بسبب تعصبه الأعمى . والآن إذا ذهب هذا " المحمدي " المفترض بكل تحمس دفعه للارتحال لكي يبشر بمحمديته " عبادة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) " بين السكان البدائيين في جنوب أستراليا ويجادل هذا الشعب المتخلف المسكين ويطالبه بقبول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كإله لهم ، فحينئذ يمكنك أن تتخيل جيدا هذا الإنسان الفطري وهو يسأل صاحبنا المضلل : " هل كان محمد " أتناتو " ([4]) ؟
سيجيب كل أحد حتى صاحبنا المجنون : " لا ! " .
وماذا عن أبطال وبطلات العالم الذين يعبدهم اليوم ملايين من الرجال والنساء المتحضرين في زمننا هذا ؟ فلتقدم إلى هذا الرجل البدائي جميع من رشحتهم للألوهية واحدا تلو الآخر – ولماذا لا تحاول تقديم " آلهتك البشريين " سواء الأصلي منهم أو المتوهم ، سواء الذكور منهم أو الإناث – وسوف يرشقك في كل مرة بواسطة قذيفته القاتلة ، بواسطة " الأتناتو " ! ( أي مفهومه السامي عن الإله ) . أليس ذلك الإنسان البدائي أسمى في مفهومه عن الإله ، عن الملايين من البشر في أوروبا وأمريكا وآسيا وإفريقية ؟ ([5]) .
الكراهية المتعهَّدَة :
لا يمكن أن نلوم المسيحيين على نزعتهم التشككية . فقد بُرمجوا كذلك منذ قرون . لقد وُجّهوا لأن يظنوا بهذا الرجل : محمد صلى الله عليه وسلم ودينه : الإسلام ظن السوء .
وما أنسب ما قاله " توماس كارلايل " عن إخوته المسيحيين منذ أكثر من مائة وخمسين سنة مضت :
" إن الأكاذيب التي أثارتها الحماسة الصادرة عن حسن نية حول هذا الرجل ( أي محمد صلى الله عليه وسلم ) لا تشين إلا أنفسنا " .
ونحن المسلمين مسئولون إلى حد ما عن هذا الجهل المذهل للمليار ومائتي مليون مسيحي في العالم . إننا لم نفعل أي شيء هام لكي نزيل نسيج العنكبوت ( المضروب علينا ) ([6]) .
مصدر رسالته ( صلى الله عليه وسلم ) :
كانت هذه هي القصة ([7]) . ولكن كيف علم بها محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ؟
لقد كان أميا فلم يعرف القراءة ولا الكتابة . إن الله القدير جعله يجيب عن هذا السؤال في الآية المذكورة آنفا بأن يقول إن ذلك كله كان " بواسطة الوحي الإلهي " ([8]) .
سيعترض الذي يكثر المجادلة قائلا : " لا ! هذا إختلاق محمد نفسه . لقد نقل وحيه عن اليهود والنصارى ، لقد انتحله . لقد زوَّره " .
وعلى الرغم من تمام علمنا وإيماننا الكامل بأن القرآن الكريم هو كلام الله الحقيقي ، فإننا مع ذلك سنفترض جدلا للحظة صدق أعداء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فيما زعموا من أنه ألف القرآن الكريم بنفسه والآن يمكننا أن نتوقع بعض الاستجابة من غير المؤمن .
الآن إسأل المجادل : " هل تشك في أن محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) كان عربيا ؟ " لن يتردد في التسليم بهذا الأمر إلا المعاند الأحمق . وفي هذه الحالة لا جدوى من مواصلة المناقشة . عندئذ إقطع الحديث وأغلق الكتاب !
إنما نواصل المناقشة مع رجل ذو عقل رشيد . إسأله : هل تشك في أن هذا النبي العربي إنما كان يخاطب في أول الأمر عربا أيضا ؟ إنه لم يكن يخاطب مسلمي الهند ولا مسلمي الصين ولا مسلمي نيجيريا بل كان يخاطب قومه من العرب .
وسواء وافقوه أو لم يوافقوه ، فقد أخبرهم في أسمى الأساليب وبكلمات كادت تحترق في قلوب وأفئدة مستمعيه : أن مريم أم عيسى ( عليهما السلام ) اليهودية ([9]) أصطفيت على نساء العالمين .
فلم تكن التي اصطفيت أمه ( أي أم محمد صلى الله عليه وسلم ) أو زوجته ولا ابنته ولا أي امرأة عربية أخرى ، بل كانت امرأة يهودية !
فهل يمكن لأحد أن يعلل ويفسر هذا الأمر ؟ فبالنسبة لكل أحد تأتي أمه وزوجته وابنته قبل نساء العالمين في المنزلة .
فما الذي يدعو نبي الإسلام أن يكرم امرأة من المعارضين أو المخالفين ؟! وبخاصة من اليهود ؟! وهي تنتمي إلى جنس طالما ازدرى قومه ( العرب ) لثلاثة آلاف سنة ، تماما كما يزدرون اليوم إخوتهم العرب .
سارة وهاجر :
يستمد اليهود عنصريتهم الحاقدة من " كتابهم المقدس " ([10]) ، حيث يقال لهم أن أباهم إبراهيم كان له زوجتان هما : سارة وهاجر . ([11]) وهم يقولون أنهم أبناء إبراهيم من زوجته " الشرعية " سارة . أما إخوتهم العرب فهم من سلالة " الجارية " هاجر ، ولذلك فالعرب هم نسل أدنى منزلة وأقل شأنا في نظرهم .
فهل يتفضل أي أحد ويشرح لنا لماذا يختار محمد ( صلى الله عليه وسلم ) – " إذا كان هو مؤلف القرآن " – هذه المرأة اليهودية لمثل هذا المقام الرفيع مخالفا بذلك كل قياس ؟
الإجابة بسيطة وهي : أنه لم يكن لديه خيار : لم يكن لديه الحق في التعبير عن هواه الخاص . " إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " . ( النجم : 4 )
سورة مريم :
هناك سورة في القرآن الكريم تسمى سورة مريم وقد سميت بهذا الإسم تكريما لمريم أم عيسى ( عليهما السلام ) . ولم تحفل مريم ( عليها السلام ) بمثل هذا التكريم ( حتى ) في الكتاب المقدس . ومن بين ( 66 ) ستة وستين كتابا للبروتستانت و ( 73 ) ثلاثة وسبعين كتابا للرومان الكاثوليك لا يوجد كتاب واحد يسمى باسم مريم أو ابنها ( عليهما السلام ) . وإنك لتجد كتبا تسمى باسم متى ومرقس ولوقا ويوحنا وبولس بالإضافة لضعف هذا العدد من الكتب ذات الأسماء الغامضة ، ولكن ليس هناك كتابا واحدا من بينها ينسب إلى عيسى أو مريم ( عليهما السلام ) !
ولو كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) هو مؤلف القرآن الكريم ، ما كان ليعجز عن أن يضمن فيه بجانب اسم مريم أم عيسى ( عليهما السلام ) ، اسم أمه " آمنة " أو زوجته العزيزة " خديجة " أو ابنته الحبيبة " فاطمة " " رضي الله عنهن أجمعين " .
ولكن كلا ! وحاشاه أن يفعل ! إن هذا لا يمكن أبدا أن يكون . فالقرآن الكريم ليس من صنع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ([12]) .
دفاع عن عيسى ( عليه السلام ) :
إن القرآن الكريم الذي أنزله الله على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ليجعل هذا الرسول يبرئ عيسى ( عليه السلام ) من تهم وافتراءات أعداءه الكاذبة . ([13]) .
" وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً " . ( مريم : 32 )
محمد بشارة المسيح :
" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ "
( الصف : 6 )
إنه مما يحسب لعيسى عليه السلام ممارسته لما كان يعظ به ويدعو إليه . فهو لم يدع أبدا أمميا ([14]) واحدا طوال حياته إلى دين الله . واحتاط لأن تكون حفنة مختاريه ( حوارييه الإثني عشر ) منتمية إلى بني جلدته .
كما أنه لم يأت بدين مبتدع وما جاء إلا مؤكدا للتعاليم التي بين يديه . وقد قال :
" لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل . فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل . فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات . وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات " . ( متى 5 : 17 – 19 ) .
وقارن قوله تبارك وتعالى : " مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ " بما جاء في هذه الفقرات الثلاثة من الإصحاح الخامس من إنجيل متى المذكورة أعلاه ، وسوف تلاحظ أن الأسلوب القرآني لا يسرف في استخدام الكلمات . إنه يبلغ بإيجاز رسالة الله بوضوح ودقة .
البشارة أو النبأ السار :
إنني لا أستحي ولا داعي للحياء لنقلي تعليق عبد الله يوسف علي ، على كلمة " أحمد " في ترجمته الإنجليزية ، نقلا حرفيا . ولكن قبل أن أفعل ذلك دعني أعبر على نحو ملائم عن احترامي وإعجابي " بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف " بالمدينة المنورة الذي يقوم بطباعة الملايين من النسخ المترجمة لمعاني القرآن الكريم في عديد من اللغات المختلفة .
إن السبب الذي دعاهم إلى استخدام ترجمة عبد الله يوسف علي كأساس لطبعتهم تلخصه هذه الكلمات :
" جازف عدد من الأفراد في الماضي بترجمة القرآن ولكن أعمالهم كانت بصفة عامة محاولات شخصية متأثرة لدرجة كبيرة بالأهواء والأغراض والأحكام المسبقة .
ولقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المرسوم الملكي ( رقم 19888 بتاريخ 16 / 8 / 1400 هـ ) حينما كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ، من أجل إصدار ترجمة معتمدة خالية من الأهواء والاتجاهات الشخصية ..
وبناء عليه فقد اختيرت ترجمة المرحوم الأستاذ عبد الله يوسف علي لخصائصها الممتازة المتمثلة في أسلوبها الرفيع واختيار الكلمات القريبة لمعاني النص الأصلي والتعليقات العلمية والتفسيرات المصاحبة " .
( رئاسة البحوث الإسلامية والإفتاء والدعوة والإرشاد ) .
إن التعليق المعطى أدناه هو أحد تعليقات ثلاثة في شرح النبوءة التي وردت على لسان عيسى ( عليه السلام ) فيما يتعلق بمجيء محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذلك من بين أكثر من ستة آلاف تعليق توضيحي متسم بعمق الفكر فـي ترجمة عبد الله يوسف علي .
من هو " المعزى " ؟
" أحمد " أو " محمد " المثنى عليه أو الممدوح أو المحمود ( the Praised One ) هو تقريبا ترجمة للكلمة اليونانية " بيريكليتوس " ( Periclytos ) ؛ وفي إنجيل يوحنا الموجود حاليا ( يوحنا 14 : 16 : 15 : 26 و 16 : 7 ) تأتي كلمة " كومفورتر " ( Comforter ) في النسخة الإنجليزية ( والتي تترجم في التراجم العربية بـ " المعزى " ) عوضا عن الكلمة اليونانيـة " باراكليتوس " ( Paracletos ) التي تعني " المحامي " أو " المؤيد " أو " الشفيع " ( Advocate ) " الذي يُدعى لمساعدة أو معاونة ( إنسان ) آخر ، الصديق أو الولي الودود الحنون " . وهذه الترجمة مفضلة عن ترجمتها بـ " المعزى " . ويؤكد علماؤنا ( الحاصلين على درجة الدكتوراة في الأدب والفلسفة ) ([15]) أن كلمة " باراكليتوس " ( Paracletos ) تفسير خاص محرف أو قراءة محرفة لكلمة " بيريكليتوس " ( Periclytos ) . ومعناها المستوجب للحمد وأنه كان هناك في القول الأصلي لعيسى نبؤة خاصة بنبينا الكريم " أحمد " بالإسم . وحتى لو قرأناها " باراكليت " ( بارقليط أو فارقليط " ( Paraclete ) ، فإنها تشير إلى النبي الكريم ( المبعوث ) " رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " ( الأنبياء : 107 ) وهو " بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ " ( التوبة : 128 ) . وانظر أيضا تعليقنا رقم 416 على الآية 81 مـن سورة آل عمران ([16])
محمد ( صلى الله عليه وسلم )
هو " الباراكليت " :
إنه من الواضح لكل الباحثين عن الحق بإخلاص أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو " الباركليت " ([17]) الموعود ( The Promised Paraclete ) أو المعزى ( Comforter ) ، المسمى أيضا على سبيل التخيير بالمساعد أو المعين ( Helper ) والمحامي أو المؤيد أو الشفيع ( Advocate ) والناصح ( الأمين ) أو المشير ( Counsellor ) .. إلخ المذكور في نبؤات عيسى ( عليه السلام ) في إنجيل يوحنا .
وهناك الملايين من الرجال والنساء النصارى الذين يتشوقون ويتوقون إلى هذه الرسالة البسيطة المباشرة الصريحة المستقيمة ([18]) .
" فلما جاءهم بالبينات ([19]) قالوا هذا سحر مبين " :
هكذا تنتهي الآية السادسة من سورة الصف .
" إن نبي الإسلام سبق وتنبأ به الأنبياء من قبل بأساليب كثيرة . وعندما جاء أراهم العديد من الآيات البينات ، وما كانت حياته كلها من أولها إلى آخرها إلا معجزة كبرى .
فلقد قاتل وانتصر عكس كل التوقعات . وعلم الناس أسمى درجات الحكمة بدون أن ينال من البشر أدنى قسط من التعليم .
ولقد ألان القلوب القاسية وقوى القلوب الرقيقة المحتاجة إلى المساعدة والتأييد ([20]) .
إن الرجال ذوو البصيرة والفطنة أدركوا في أقواله وأفعاله قدرة الله وتوفيقه " .
ومع هذا فقد وصفها الشكاكون بالشعوذة والتحايل والسحر !
يقول توماس كارلايل في ( ص 88 ) من كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " :
" محمد مزورا ومحتالا أو مشعوذا ؟؟ كلا ! ثم كلا ! إن هذا القلب الكبير المفعم بالعاطفة الجياشة الذي يغلي كمرجل أو مَوقِد هائل مـن الأفكار ، لم يكن قلب محتال أو مشعوذ " .
وهـم يصفون تحقيـق ( هـذا النبي ) وتصديقه لنبؤة مـن قبله مـن المرسلين بالسحر والشعوذة والفتنة ، هـذا الذي صار أكثر الحقائق ثباتا فـي تاريخ البشرية : أعني الإسلام ! ([21]) .
محمد المثال الأسمى
رؤية فيلسوف هندوسي معاصر لنبي الإسلام
ك. س. رامكرشنة راو
أستاذ الفلسفة بجامعة ميسور في الهند
الفصل الأول
محمد نبي الإسلام
البدايات ([22]) :
ولد محمد وفقا لما قرره المؤرخون المسلمون في صحراء الجزيرة العربية يوم العشرين من شهر إبريل في عام خمسمائة وواحد وسبعين بعد المسيح . واسمه يعني " المثنى عليه أو الممدوح أو المحمود حمدا كثيرا " . ([23]) وهو بالنسبة لي أعظم عقل مفكر أنجبته الجزيرة العربية على الإطلاق .
إنه أعظم بكثير من جميع الشعراء والملوك الذين عاشوا قبله أو جاءوا بعده في هذه الصحراء المعزولة ذات الرمال الحمراء .
وحينما ظهر محمد لم تكن الجزيرة العربية شيئا مذكورا . ومن هذه الصحراء التي لم تكن شيئا مذكورا إستطاع محمد بروحه العظيمة أن ينشئ منها عالما جديدا وحياة جديدة وثقافة جديدة وحضارة جديدة ومملكة جديدة إمتدت من مراكش إلى شبه القارة الهندية ، وأن يؤثر في فكر وحياة ثلاث قارات هي آسيا وإفريقية وأوروبا .
الحاجة إلى التفاهم :
عندما فكرت في الكتابة عن النبي محمد كنت مترددا بعض الشيء لأنني سأكتب عن دين لا أعتنقه . ([24]) وإنه لأمر بالغ الحساسية أن يفعل المرء ذلك لأنه يوجد الكثير من الناس الذين يعتنقون ديانات متنوعة وينتمون إلى مذاهب فكرية وطوائف مختلفة حتى داخل الدين الواحد . وعلى الرغم من أن البعض يزعم أحيانا أن الديانة مسألة شخصية تماما فإنه لا يمكن إغفال أن الدين يميل إلى الإحاطة بالكون بأسره ما نرى منه وما لا نرى أيضا . وهو بطريقة ما يتخلل مـن حين إلى آخر قلوبنا وأنفسنا وعقولنا فـي مناطـق الوعي ومـا دون الوعي ( subconscious ) واللاوعي ( unconscious ) منها ، أو أي من تلك المناطق الي تشتمل عليها أو يفترض أنها تشتمل عليها . وتأخذ المسألة أهمية بالغة عندما نقتنع اقتناعا راسخا أن ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا رهن هذا الخيط الحريري اللين الدقيق المسمى بالدين . أما إذا كنا شديدي الحساسية فإن مركز الثقل يكون في الغالب دائما في حالة توتر قصوى . وبالنظر إلى المسألة من هذه الزاوية يتضح لنا أنه كلما قل الكلام عن ديانة الآخرين كلما كان ذلك أفضل . ولندع أدياننا واعتقاداتنا مخفية ومغمورة في أعماق ثنايا قلوبنا الداخلية محصنة بأختام من شفاهنا لا تنكسر .
جماعية الإنسان :
ولكن يوجد جانب آخر لهذه المسألة . فالإنسان يعيش في المجتمع وترتبط حياتنا شئنا أم أبينا وبطريقة مباشرة وغير مباشرة – بحياة الكثيرين . فنحن جميعا نأكل من ثمرات تزرع في نفس الأرض ونشرب الماء من نفس النبع ونسنتنشق هواء نفس الجو . ومع تمسكنا الشديد بآرائنا الشخصية فإنه سيكون من المفيد – لا لغرض آخر سوى تشجيع الانضباط المناسب في البيئة المحيطة بنا – لو أننا عرفنا أيضا بدرجة أو بأخرى كيف يفكر جارنا وما هي المنابع الأصلية لتصرفاته .
ومن زاوية الرؤية هذه تصبح محاولة المرء للتعرف على جميع أديان العالم شيئا مرغوبا فيه ، وذلك بالروح الصحيحة ، من أجل تشجيع التفاهم المتبادل والتقبل الأفضل لجيراننا على المدى القريب والبعيد .
كما أن أفكارنا ليست متناثرة ومبعثرة كما تبدو كذلك في الظاهر . فلقد تبلورت تلك الأفكار حول بضع أنوية في شكل أديان العالم الكبرى والعقائد الحية التي ترشد وتدفع حياة الملايين من سكان أرضنا هذه . وإذا كنا نفكر في أن نصبح في يوم من الأيام مواطنين للعالم الذي بين أيدينا ، فمن واجبنا أن نحاول ولو محاولة صغيرة التعرف على أديان العالم الكبرى ونظم الفلسفة التي تحكم البشرية .
النبي شخصية تاريخية ([25]) :
وعلى الرغم من هذه الملاحظات التمهيدية فإن الأرض التي يجري عليها الصراع بين العقل والعاطفة في مجال الدين زلقة جدا لدرجة أن المرء ليُذكَّر باستمرار بالحمقى الذين يندفعون حيث تهاب الملائكة الاقتراب . والأمر أيضا معقد جدا لسبب آخر . فموضوع كتابي هو شرائع ديانة تاريخية ونبيها ، وهو أيضا شخصية تاريخية لدرجة أن ناقدا عدوانيا مثل السير " وليم موير " يقول متحدثا عن القرآن الكريم : " لا يوجد في العالم على الأرجح كتابا آخر بقي إثني عشر قرنا ([26]) بنص بمثل هذا النقاء " . ويمكنني أن أضيف أن النبي محمد شخصية تاريخية ([27]) أيضا . فكل حادثة في حياته دونت بدقة بالغة وحتى أدق التفاصيل حفظت سليمة للمتأخرين . إن حياته وأعماله لم يكتنفهما الغموض ولم تكن محاطة بالأسرار . ولا يحتاج المرء إلى البحث المجهد عن المعلومات الدقيقة ولا الإنطلاق في رحلات مرهقة لكي يفصل القشرة عن حبة الحق ([28]) .
إساءة عرض وتقديم الإسلام في الماضي :
إن عملي هذا مستنير لأن الأيام التي كان يساء فيها إلى حد بعيد عرض الإسلام وتقديمه بواسطة نقاده ([29]) لأسباب سياسية وغير سياسية هي في إدبار وإلى زوال .
يقول الأستاذ بيفان ( Prof. Bevan ) في كتاب " كمبردج لتاريخ العصور الوسطى " : " إن التقارير التي وصف فيها محمداً والإسلام المنشورة في أوروبا قبل بداية القرن التاسع عشر يجب اعتبارها الآن مجـرد فضول أدبي أو استثناءات أدبيـة ( Literary curiosities ) " .
إن المشكلة التي أواجهها مـن أجل كتابة هـذه الفقرة أصبحت أكثر سهولة مـن ذي قبل لأننا كنقاد وبوجه عام لم نعـد نقتات الآن على مثل هـذا النوع مـن التاريخ . ولسنا فـي حاجة إلـى كثير مـن الوقت نمضيه في الإشارة إلى إساءاتنا فـي عرض الإسلام وتقديمه .
فمثلا النظرية التـي تقول بانتشار الإسلام بالسيف لم تعـد تردد الآن بكثرة في أي دائرة تستحق الذكر . فمبدأ " لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ " ([30]) هو مبدأ معروف ومشهور جدا في الإسلام .
يقول المؤرخ العالمي الشهير " جيبون " : ([31])
" إن شريعة خبيثة قد ألصقت بالمحمديين ([32]) وهي واجب استئصال جميع الأديان بالسيف " ([33]) .
ويقول المؤرخ البارز أن هذه التهمة الجاهلة والمتطرفة يدحضها القرآن كما يدحضها تاريخ الفتوحات الإسلامية . وما اشتهر الفاتحون به من تسامح تجاه العبادة المسيحية معروف ومشروع .
إن أعظم نجاح في حياة محمد جاء نتيجة للقوة الأخلاقية فقط وبلا ضربة سيف واحدة .
الفصل الثاني
المصطفى
" والكاظمين الغيظ " ([34]) :
كان العرب يتقاتلون لأربعين سنة بسبب حادث بسيط كاقتحام جمل يملكه ضيف إحدى القبائل داخل مراعي القبيلة الأخرى ، وتقاتل كلا الجانبين حتى أن سبعين ألف نفس قد حصدت مما هدد بفناء القبيلتين . لمثل هؤلاء العرب الشرسين جاء نبي الإسلام ليعلمهم ضبط النفس والانضباط إلى حد إقامة الصلاة في ساحة القتال .
الحرب دفاعا عن النفس ([35]) :
بعد أن أخفقت تماما الجهود المتكررة الرامية إلى المصالحة وطرأت ظروف اضطرته إلى ساحة القتال اضطرارا دفاعا عن النفس ، بدل نبي الإسلام فن ( استراتيجية ) القتال بالكامل . إن إجمالي الخسائر في الأنفس في جميع الحروب التي وقعت خلال حياته حين دانت له الجزيرة العربية كلها لا يتعدى بضع مئات . لقد علَّم أهماج ([36]) العرب الصلاة وأن يصلوا لله القدير جماعة لا فرادى ، حتى وسط غبار العواصف والقتال . وكلما حان وقت الصلاة وهو يحين خمس مرات في كل يوم يجب ألا تترك أو تؤجل صلاة الجماعة . فينبغي أن تصلي طائفة فتركع وتسجد بين يدي ربها بينما تشتبك الطائفة الأخرى مع العدو . فإذا قضيت الصلاة فينبغي أن تغير كلتا الطائفتين موقعهما ([37]) .
التمدن والإنسانية في ساحة القتال :
إن ساحة القتال نفسها صارت مجالا للتحضر الإنساني . وصدرت توجيهات صارمة بعدم الفساد أو الإتلاف وعدم الغش وعدم نقض المواثيق وعدم انتهاك الحرمات وعدم التمثيل بالقتلى وعدم قتل الولدان ولا النساء ولا الشيوخ وعدم قطع النخل أو حرقه وعدم قطع شجرة مثمرة وعدم التعرض للرهبان والأشخاص المشغولين بالعبادة .
إن معاملة محمد الشخصية لألد أعدائه هي المثال الأسمى لأتباعه . فقد كان في أوج قوته عند فتح مكة . إن القرية التي عذبته هو وأتباعه وأخرجته هو وقومه إلى المغترب واضطهدته وقاطعته بقسوة حتى حينما لجأ إلى مكان يبعد عنها أكثر من مائتي ميل ، هذه القرية كانت خاضعة له تماما في ذلك الحين . وقد كان يحق له حسب قوانين الحرب أن يثأر منها للأعمال الوحشية التي أنزلتها به وبقومه . ولكن أي معاملة تلك التي قابلهم بها ؟ لقد فاض قلب محمد بفطرة الحب والرحمة حين صرح قائلا :
" لا تثريب عليكم اليوم . إذهبوا فأنتم الطلقاء " . ([38])
العفو عن ألد الأعداء :
لقد كان أحد الأهداف الرئيسية التي أجاز بسببها الحرب دفاعا عن النفس هو توحيد البشر . وحينما تحقق هذا الهدف عفى عن ألد أعدائه حتى أولئك الذين قتلوا عمه الحبيب حمزة وانتهكوا حرمة جسده ومثلوا به فشقوه ولاكوا جزء من كبده .
النظرية تمتزج بالتطبيق :
إن مبدأ الأخوة العالمية ([39]) وعقيدة وتعاليم المساواة بين البشر التي أعلنها ونادى بها تمثل مساهمة عظيمة جدا من محمد للارتقاء الاجتماعي للإنسانية . إن جميع الأديان الكبرى دعت أيضا إلى نفس العقيدة والتعاليم ولكن نبي الإسلام وضع هذه النظرية في التطبيق الواقعي . وسوف يُعترف بقيمة هذه العقيدة والتعاليم ([40]) بعد فترة ، ربما حين يستيقظ الضمير العالمي فتختفي التحيزات والتحاملات والأحكام العنصرية المسبقة ويخرج مفهوم أقوى لأخوة البشر إلى الوجود .
الفلاح والملك متساويان أمام الله :
تقول الشاعرة الهندية " ساروجيني نايدو " عن هذا المظهر من مظاهر الإسلام :
" لقد كان الإسلام أول دين يبشر بالديمقراطية ويمارسها . فيجتمع المصلون سويا في المساجد حين يرفع الآذان لتتجسد ديمقراطية الإسلام خمس مرات في اليوم عندما يركع ويسجد الفلاح والملك جنبا إلى جنب معلنين أن " الله أكبر " . وتمضي شاعرة الهند العظيمة قائلة : " وقد أدهشتني مرة أخرى هذه الوحدة الإسلامية التي لا انفصام لها ، التي تجعل المرء أخا بالفطرة . فأنت حين تقابل مصريا وجزائريا وهنديا وتركيا في لندن فلا فرق إلا أن مصر هي بلدة أحدهم والهند بلدة الآخر " .
الإسلام حضَّر أسبانيا وهو اليوم الحل للمشاكل الاجتماعية :
يقول " المهاتما غاندي " ([41]) بأسلوبه الذي لا يحاكى :
" لقد قال أحد الأوربيين في جنوب إفريقية أنهم يخشون مجيء الإسلام . الإسلام الذي حضَّر ومدَّن أسبانيا . الإسلام الذي حمل مشعل النور إلى مراكش وبشر العالم ببشارة ([42]) الأخوة ( Gospel of Brother hood ) . إن الأوروبيين في جنوب إفريقية يخشون مجيء الإسلام لأنه يقرر ويؤكد مساواة الملونين بالأجناس البيضاء . فليخشونه بجد . وإذا كانت الأخوة خطيئة وإذا كانت المساواة بالأجناس الملونة هـو ما يخشونه ، فخشيتهم إذن فـي محلها " .
الحج شهادة حية :
يرى العالم كل عام في موسم الحج المشهد الرائع لهذا الاستعراض العالمي للإسلام وهو يسوي جميع الفروقات في الجنس واللون والمكانة . ولا يجتمع الأوربيون والأفارقة والفرس والهنود والصينيون سويا في مكة كأفراد أسرة ربانية واحدة فحسب ، ولكنهم يرتدون زيا موحدا أيضا ( إزار ) فيرتدي كل رجل منهم قطعتين ساذجتين ([43]) من القماش الأبيض غير المخيط إحداهما حول سوءته والأخرى فوق كتفيه ( رداء ) وهو حاسر الرأس في غير خيلاء ولا تكلف مرددا : " لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك " . ([44])
وبذلك لا يبقى ما يفرق بين الرفيع والوضيع . ويحمل كل حاج معه إلى بلده انطباعا بالمدلول العالمي للإسلام .
إن كلمات الأستاذ هوجرونجي توضح هذه المسألة حيث يقول : " إن عصبة الأمم التي أسسها نبي الإسلام تضع مبدأ الوحدة الإسلامية والأخوة الإنسانية على أسس عالمية بحيث تعطي للأمم الأخرى مثالا يحتذى " . ويمضي قائلا : " الحقيقة هي أنه لا توجد أمة في العالم يمكن أن تضاهي ما فعله الإسلام حيال تحقيق فكرة عصبة الأمم " .
الإسلام منارة لعالم ضل السبيل :
إن نبي الإسلام قد جاء بحكم الديمقراطية في أحسن أشكالها . ([45])
إن الخليفة عمر والخليفة علي زوج ابنة النبي والخلفاء المنصور والعباس بن الخليفة المأمون وخلفاء وملوك آخرين كثيرين كان عليهم أن يمثلوا أمام القضاة كرجال عاديين في المحاكم الإسلامية . ونحن نعلم كيف يُعامَل السود بواسطة الأجناس البيضاء المتحضرة حتى يومنا هذا .
ولنأخذ كمثال منزلة بلال العبد الحبشي في أيام نبي الإسلام زهاء أربعة عشر قرنا خلت . إن العمل كمؤذن لصلاة المسلمين كان يعتبر عملا يدعو للاحترام في أيام الإسلام المبكرة . وقد أعطي هذا العمل لهذا العبد الحبشي . وأمره النبي بعد فتح مكة أن ينادي للصلاة فوقف هذا العبد الحبشي ذو البشرة السوداء والشفتين الغليظتين على سطح الكعبة المشرفة أكثر الأماكن عراقة وقداسة في العالم الإسلامي . وهنالك صرخ أحد العرب المستكبرين بصوت عال متألما : " الويل لهذا العبد الحبشي الأسود . إنه يقف فوق سطح الكعبة المشرفة لينادي للصلاة " .
وقد ألقى نبي الإسلام خطبة كانت كأنها الرد على هذه الثورة التي تفوح منها رائحة الكبرياء والهوى اللذين عزم نبي الإسلام على استئصالهما ، قال فيها ما معناه :
" الحمد لله الذي أذهب عنا نخوة ([46]) الجاهلية وتفاخرها بالأنساب . أيها الناس اعلموا أن الناس فريقين : الأبرار المتقين الفائزين عند الله . والفجار القاسية قلوبهم السفلة الذين تزدريهم عين الله . وإلا فإن الناس كلهم لآدم وخلق الله آدم من تراب " .
وقد صدق القرآن هذا فيما بعد وأكده بهذه الكلمات :
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " ( الحجرات : 13 )
التحول فوق العادي :
إن نبي الإسلام أحدث تحولا هو من العظم بحيث أن أكرم العرب وأخلصهم نسبا عرضوا بناتهم للزواج من هذا العبد الحبشي . وكلما رأى خليفة الإسلام الثاني المعروف في التاريخ بأمير المؤمنين عمر العظيم ، هذا العبد الحبشي وقف له احتراما ورحب به معلنا : " ها هو قد جاء سيدنا ها هو قد جاء مولانا " .
فيا له من تحول هائل هذا الذي أحدثه القرآن والنبي محمد في العرب أكثر الناس تفاخرا بالأنساب على الأرض في ذلك الحين . وهذا هو السبب الذي دعا جوته ([47]) ( Goethe ) أعظم الشعراء الألمان يعلن وهو يتكلم عن القرآن الكريم أن : " هذا الكتاب سيستمر في ممارسة تأثير قوي جدا عبر جميع العصور " .
وهو السبب أيضا الذي دعا جورج برنارد شو ([48]) ( George Bernard Show ) يقول :
" لو قدر لأي دين أن يسود إنجلترا ، لا بل أوروبا في غضون المائة عام المقلبة ، فالإسلام هو هذا الدين " .
الإسلام حرر المرأة :
لقد كانت نفس روح الإسلام الديمقراطية هذه هي التي حررت المرأة من قهر الرجال . يقول السير " تشارلز إدوارد أرشيبالد هاملتون " .
" إن الإسلام يُعَلّمُ البراءة الأصلية ([49]) للإنسان . ويعلم أن الرجل والمرأة جاءا من نفس واحدة ([50]) وأنهما يملكان نفس الروح وأنهما مُنحَا قدرات متساوية من المواهب العقلية أو الفكرية والروحية أو الدينية والأخلاقية " ([51])
إقرار حق الملكية للنساء :
كان للعرب عادة شديدة التأصل هي أن من يرث هو فقط من يطعن بالرمح ويصنع السيف . ولكن جاء الإسلام ليدافع عن الجنس الضعيف وأعطى المرأة حق المشاركة في وراثة الوالدين . ([52]) وأعطى الإسلام المرأة من قرون مضت حق ملكية المال . بينما طبقت إنجلترا ، التي يفترض أنها مهد الديمقراطية هذا المبدأ الإسلامي بعد إثني عشر قرنا وفي عام 1881 بعد المسيـح فقط . وصدر مرسوم سمـي " مرسـوم النساء المتزوجـات " ( The Married Women's Act ) .
ولكن قبل ذلك بقرون كان نبي الإسلام قد أعلن أن " النساء شقائق الرجال وحقوق النساء مقدسة " " لا تبخسوا النساء حقا مما فرض لهن " " إستوصوا بالنساء خيرا " ( الأحاديث بالمعنى ) .
الفصل الثالث
الأمين
الوسطية القيّمة :
لا يعنى الإسلام مباشرة بالأنظمة السياسية والاقتصادية ولكنه يعنى بها بطريقة غير مباشرة .
وبقدر ما تؤثر الشئون السياسية والاقتصادية على سلوك الإنسان يرسي الإسلام بعض المبادئ الهامة جدا للحياة الاقتصادية .
ووفقا للأستاذ ماسينيون ( Prof. Massignon ) فالإسلام يحافظ على التوازن بين الأضداد المبالغ فيها ويضع دائما نصب عينيه بناء الشخصية التي هي أساس الحضارة . وقد ضمن ذلك بشرائعه في الميراث وبنظام الصدقة المنظمة غير الإختيارية المعروفة بالزكاة وبتحريم جميع الممارسات المضادة للاجتماع ( antisocial ) في مجال الاقتصاد مثل الاحتكار والربا والحصول على فوائد وأرباح محددة أو معينة سلفا والتحكم في الأسواق ( بالامتناع عن البيع لرفع الأسعار ) والاختزان وخلق ندرة مصطنعة لأي سلعة من أجل دفع السعر إلى الارتفاع . والميسر ( المقامرة ) حرام أيضا . وأسمى أعمال البر في الإسلام هي التبرع للمدارس ودور العبادة والمستشفيات وحفر آبار المياه وبناء ملاجئ للأيتام . ويقال أن ملاجئ الأيتام نشأت لأول مرة وفقا لتعاليم نبي الإسلام . ([53]) والعالم مدين بملاجئ أيتامه لهذا النبي الذي كان نفسه يتيما .
يقول توماس كرلايل عن محمد : " إن الصوت الفطري للإنسانية والتقوى والإنصاف الساكن في قلب هذا الابن البري للطبيعة ، يتكلم " .
الاختبار :
قال أحد المؤرخين ذات مرة : يجب أن يحكم بعظمة الرجل من خلال ثلاثة اختبارات :
(1) هل كان عند معاصريه ذو عزم صادق ؟
(2) هل كان من العظمة بحيث يرتفع فوق مستوى من هم في سنه ؟
(3) هل ترك شيئا كتراث دائم للعالم كافة ؟ ([54])
يمكن لهذه القائمة أن تمتد إلى مدى أبعد ولكن كل هذه الاختبارات الثلاثة للعظمة تتحقق بوضوح ولأعلى درجة في حالة النبي محمد .
وقد ذكرنا من قبل بعض الأمثلة فيما يتعلق بالاختبارين الأخيرين .
دعنا نتناول أول هذه الاختبارات وهو :
هل كان نبي الإسلام عند معاصريه ذو عزم صادق ؟
الشخصية المعصومة :
تظهر السجلات التاريخية أن جميع معاصري محمد الأصدقاء والأعداء اعترفوا بالشمائل النقية والاستقامة الخالصة والفضائل الكريمة والإخلاص المطلق والأمانة المطلقة لرسول الإسلام في جميع نواحي الحياة وفي كل مجال للنشاط الإنساني . حتى أن اليهود وأولئك الذين لم يؤمنوا برسالته قبلوه حكما في نزاعاتهم الشخصية ([55]) بسبب ما عرفوه عنه من تحريه عدم التحيز .
وحتى أولئك الذين لم يؤمنوا برسالته اضطروا لأن يقولوا : " يا محمد إننا لا نكذبك ولكننا نكفر بالذي أعطاك كتابا وأوحى إليك بالرسالة " . ([56])
وقد ظنوا أن به جنة . وحاولوا علاجه بالعنف . ولكن أحسنهم طريقة رأوا نورا جديدا أشرق عليه وأسرعوا في طلب هذا التنوير .
إن الميزة البارزة في سيرة نبي الإسلام أن عشيرته الأقربين كابن عمه الحبيب وأصحابه الحميمين الذين عرفوه معرفة وثيقة جدا تشربوا بالكامل بصدق رسالته واقتنعوا بأصالة الوحي الإلهي الذي جاء به .
يقول سيد أمير علي في كتابه " روح الإسلام " :
" لو أن هؤلاء الرجال والنساء والشرفاء والعقلاء ، ومن المؤكد أنهم لم يكونوا أقل تعليما وثقافة من صيادي السمك بالجليل ([57]) ، شعروا بأدنى إشارة إلى رغبة المعلم ([58]) الدنيوية وخداعه أو نقص إيمانه ، لكان رجاء محمد في التجديد الأخلاقي والإصلاح الاجتماعي قد انهار إلى أنقاض في لحظة " .
إننا نجد على العكس إخلاص أتباعه له يتمثل في اعترافهم به بإرادتهم كقائد لحياتهم . وقد تحملوا من أجله الاضطهاد والخطر بشجاعة وآمنوا به ووثقوا فيه وأطاعوه ووقروه حتى في خلال تعرضهم لأشد العذاب والكرب العقلي بسبب فرض العزلة عليهم حتى الموت .
هل يكون هذا هو حالهم لو أنهم لاحظوا على قائدهم أدنى اعوجاج ؟
الحب السرمدي للنبي الكريم :
لتقرأ سيرة المهتدين الأوائل إلى الإسلام وسينفطر كل قلب لمنظر المعاملة الوحشية للرجال والنساء الأبرياء . فقد مزقوا بقسوة سمية تلك المرأة البريئة كل ممزق بالطعن النافذ بالحراب . أما ياسر ( زوجها ) فقد جعلوه عبرة وشدوا ساقيه إلى ناقتين وسيقت الدابتين في اتجاهين معاكسين .
أما خباب بن الأرت فجعلوه يرقد على سرير من الجمرات المحترقة وجثم الطغاة عديمو الرحمة بأرجلهم بوحشية فوق صدره حتى لا يتحرك مما جعل الشحم تحت جلده ينصهر .
وخباب بن عَديّ الذي قتلوه بطريقة وحشية ومثلوا بجسده وانتهكوا حرمته ومزقوه إربا إربا .
وحينما كان يُسأل في وسط هذا التعذيب إن كان يرجو لو أن محمدا كان مكانه وهو آمن في بيته بين أهله كان يصرخ معلنا أنه مستعد عن طيب خاطر أن يفتدي محمدا بنفسه وأهله وأبنائه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه من وخزة الشوكة حتى لا يشاكها .
ويمكننا أن نروي روايات لا حصر لها عن أحداث من هذا القبيل تنفطر لها القلوب .
ولكن ما الذي تظهره كل هذه الأحداث ؟
ما السبب في أن أبناء وبنات الإسلام هؤلاء لم يُسَلّموا لنبيهم طاعة وتسليما فحسب ، وإنما جعلوا أجسامهم وقلوبهم وأنفسهم فداه ؟
ألم يكن إيمان أتباع محمد المباشرين واقتناعهم الشديد أرفع شهادة على صدقه واستغراقه التام في المهمة التي كلف بها ؟
أتابعه من أحسن الناس عقلا ومنزلة :
ولم يكن أصحابه من السفلة أو من ذوي العقليات المتدنية . بل الذين التفوا حوله في وقت مبكر نسبيا هم أفضل وأشرف من في مكة . كانوا وجوه القوم وصفوتهم . رجال لهم مراكزهم ومكانتهم وثراءهم وثقافتهم من الأصحاب والأقارب الذي عرفوا أدق التفاصيل في حياته .
إن جميع الخلفاء الأربعة الأوائل بشخصياتهم الشامخة كانوا ممن اهتدى في هذه الفترة المبكرة .
تقول دائرة المعارف البريطانية : " إن محمدا هو الأكثر نجاحا وتوفيقا من كل الأنبياء والشخصيات الدينية " .
ولكن هذا النجاح لم يكن نتيجة مصادفة مجردة . لم يكن ثمرة أسقطتها الرياح . لقد كان اعترافا بحقيقة أن معاصريه وجدوه ذو عزم صادق . وكان نتيجة لشخصيته التي تدعو إلى الإعجاب وتدفع بشدة إلى الانتباه .
الفصل الرابع
الصادق
المثال الكامل لحياة البشر :
إنه من الصعب جدا أن نصل إلى الحقيقة الكاملة لشخصية محمد . إنني لم أستطع الحصول إلا على لمحة سريعة منها . يا لها من تعاقب مثير لمشاهد رائعة !
فهناك محمد النبي ومحمد القائد ومحمد الملك ومحمد المقاتل ومحمد التاجر ومحمد الواعظ أو البشير ومحمد الحكيم ومحمد رجل الدولة ومحمد الخطيب ومحمد المصلح والمجدد ومحمد ملاذ اليتامى ومحمد حامي العبيد ( الرقيق ) والمدافع عنهم ([59]) ومحمد محرر النساء ([60]) ومحمد القاضي والحكم ومحمد القديس .
ولقد كان محمد بطلا في كل هذه المهام الجليلة وفي جميع مجالات النشاط الإنساني على حد سواء .
إن حال اليتيم هو منتهى الضعف وانعدام الحيلة .
وقـد بدأ محمد حياته يتيما . والملك هـو ذروة السلطة المادية . وقـد انتهت إليه حياته . ([61])
وقد تقلب حاله من صبي يتيم إلى لاجئ مضطهد ثم إلى سيد ([62]) – بالمفهوم الديني والدنيوي أيضا – لأمة بأكملها ، مقررا لمصيرها بكل ما فيه من تجارب وإغراءات ومخاطر وبكـل ما فيه من تقلبات وتغيرات ومن ضياء وظلام ومن ارتقاء وإنحدار ومن فظاعة وعظمة .
لقد قاوم محن الدنيا وخرج منها سالما ليكون مثالا يحتذى في كل مرحلة من مراحل الحياة . ولم تقتصر إنجازاته على جانب واحد من جوانب الحياة ولكنها شملت أيضا جميع أوضاع البشرية الاجتماعية .
محمد الأعظم :
لو أن العظمة تكمن في تنقية وتطهير أمة مشربة بالهمجية والتخلف ومنغمسة في ظلام أخلاقي مطلق ، فإن الشخص المتميز بالفاعلية والمليء بالقوة والنشاط الذي استطاع أن يحول ويهذب وينهض بأمة بأكملها غارقة في الحضيض – كما كان حال العرب – ويجعلهم حملة مشاعل الحضارة والمدنية والتعليم ، له كل الحق في هذه العظمة .
ولو أن العظمة تكمن في توحيد العناصر المتنافرة والمتضاربة والمتشاكسة والمختلفة في المجتمع برابطة الأخوة والإحسان ، فإن لنبي الصحراء كل الحق لهذا الإمتياز .
ولو أن العظمة تكمن في إصلاح هؤلاء الغارقين في أوهام ومعتقدات خرافية منحطة ومخزية وممارسات خبيثة مهلكة متعددة الأنواع ، فإن نبي الإسلام قد بدد الأوهام والمعتقدات الخرافية والمخاوف المنافية للعقل والمنطق من قلوب الملايين .
ولو أن العظمة تكمن في نشر الأخلاق السامية ، فإن الأعداء والأصحاب شهدوا لمحمد بأنه الصادق الأمين .
ولو أن الفاتح المنتصر رجل عظيم ، فها هو إنسان قد بلغ مرتبة مساوية للأكاسرة والقياصرة بعد أن كان مخلوقا بسيطا يتيما لا حول له ولا قوة . وأسس إمبراطورية عظيمة ظلت كذلك على مدى هذه القرون الأربعة عشرة .
ولو أن الحب الشديد الذي يناله القائد هو المقياس للعظمة ، فإن مجرد ذكر اسم هذا النبي له تأثير الرقية الفاتنة – حتى في يومنا هذا – على ملايين الأنفس المنتشرة في جميع أنحاء العالم .
النبي الأمي :
لم يدرس محمد الفلسفة أو الحكمة في مدارس أثينا أو روما أو فارس أو الهند أو الصين . ومع ذلك فقد استطاع أن يكشف للبشرية أسمى وأعلى الحقائق الخالدة القيمة . وبالرغم من كونه أميا فقد كان يستطيع الكلام بفصاحة وحماسة تدفع الرجال إلى دموع الفرحة . ومع أنه ولد يتيما وبلا أموال دنيوية فقد كان محبوبا من الجميع .
كما أنه لم يدرس في أية أكاديمية عسكرية ومع ذلك فقد كان يستطيع تنظيم قواته في مواجهة ظروف مروعة وانتصر بواسطة القوات العسكرية ذات الخلق والدين التي كان ينظم ويرتب صفوفها بنفسه .
إنه نادرا ما نجد الرجال الموهوبين بالقدرة الفائقة على الوعظ والحديث الجاد . وقد اعتبر " ديكارت " ([63]) ( Descartes ) الواعظ الماهر ضمن أندر أصناف الرجال في العالم .
وقد عبر " هتلر " ([64]) عن رأي مشابه في كتابه " كفاحي " . حيث يقول : " من النادر أن يكون واضع النظريات ( theorist ) قائدا عظيما . أما المحرك الاجتماعي أو السياسي فامتلاكه لتلك الصفات التي ترشحه للقيادة أرجح إلى حد بعيد . فهو دائما قائدا أفضل . فالقيادة تعني القدرة على تحريك جموع البشر . والقدرة على تقديم الأفكار لا علاقة لها بالقدرة على القيادة " .
ولكنه يضيف : " إن اتحاد صفات وضع النظريات والتنظيم والقيادة في شخص واحد هي ظاهرة من النادر جدا حدوثها في هذا العالم . وهنالك تكمن العظمة " .
وقد شاهد العالم هذه الظاهرة النادرة تتجسد في شخص عاش على الأرض هو نبي الإسلام .
يقول " كارلايل " ([65]) في كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " :
" لقد كان ( محمدا ) رجلا فقيرا ، شديد الكدح ، غير قادر على الإعالة ، لا يهتم بما يجتهد في طلبه الرعاع أو السوقة . وفيما أرى فإنه لم يكن امرؤ سوء ، ولم يكن طالب شهوة من أي نوع ، وإلا ما وقره هؤلاء الرجال الوحشيين ([66]) . الذين قاتلوا وخاضوا الملاحم طوع أمره خلال ثلاث وعشرين سنة ، وهم في ذلك وثيقوا الصلة به دائما ، كل هذا التوقير !
" لقد كانوا رجالا وحشيين يندفعون بين الفينة والفينة بقوة إلى التشاجر وكل ألوان التشاحن العنيف . وما كان يستطيع أي رجل أن يقودهم بدون أن يمتلك القيمة الأخلاقية والشجاعة .
أو إنكم لتعجبون كيف دعوه واعتبروه نبيا ؟
أو لم يقف وسطهم ظاهرا لهم يواجهونه ويخاطبونه بلا حاجب بينه وبينهم ، غير محاط بأي سر من الأسرار الدينية أو غموض . فكان يرى وهو يرقع ثوبه ويصلح نعله ، ويقاتل ويستشير ويصدر الأوامر وهو بينهم . فلا بد أنهم أدركوا أي نوع من الرجال كان .
ولتسمه ولتدعه ما تشاء ! إنه لم يطع إمبرطورا جليلا متوجها مثلما أطيع هذا الرجل في ثوب رقعه بنفسه .
وإنني لأجد أن خوضه ثلاثة وعشرين عاما من التجارب الحرجة الصعبة يستلزم بالضرورة نوعا من البطولة الحقيقية " .
والأعجب من ذلك ما يقوله القس " بوزوورث سميث " ( Bosworth Smith ) :
" لقد كان رئيسا للدولة ولجماعة تدين بنفس العقيدة ، لقد كان يجمع سلطة ومقام قيصر والبابا معا ، ولكنه بابا بدون خيلاء البابا وغروره ، وقيصر بلا فيلق ([67]) أو حشوده وبلا جيش عامل ولا حارس شخصي ولا قوة من الشرطة ولا دخل ثابت . لو أن ثمة رجل كان له الحق في أن يدعي أنه يحكم بالحق الإلهي فقد كان هذا الرجل هو محمد . فقد كانت معه جميع السلطات من غير أن يكون معه ما يدعمها أو يحافظ عليها . وقد كانت بساطة حياته الخاصة متطابقة ومنسجمة مع حياته العامة " .
محمد الطاهر النقي :
لقد صارت مساحة تقدر بمليون ميل مربع تحت تصرفه بعد فتح مكة . إن سيد جزيرة العرب كان يصلح نعله ويرتق أو يرفو ملابسه الصوفية الخشنة ويحلب الشياه ويكنس البيت ويوقد النار ويقوم بالأعمال المنزلية الأخرى التي يعهد بها إلى الخدم عادة . وفي الأيام الأخيرة من حياته كانت المدينة حيث كان يقيم قد صارت أكثر أغنى . وكان الذهب والفضة متوفرين في كل مكان . وعلى الرغم من الرخاء الاقتصادي الذي كانت تشهده المدينة في تلك الأيام فإن أسابيعا كثيرة كانت تمضي من غير أن توقد النار في بيت ملك جزيرة العرب ([68]) .
وكان طعامه يقتصر على ( الأسودان ) التمر والماء . وكان أهل بيته يبيتون جوعى ليال عديدة متعاقبة لأنه ليس ثمة طعام يأكلونه في تلك الليالي . ولم يكن محمد ينام على فراش وثير وإنما كان فراشه حصيرا مصنوعا من ألياف النخل بعد يوم شاق طويل . وقضى معظم ليله في الصلاة ([69]) .
وكثيرا ما كان يندفع إلى البكاء بين يدي خالقه طالبا أن يمنحه القوة للقيام بواجباته .
وكما تذكر لنا الروايات فقد كان صوته يكاد يحبس بسبب بكائه فيبدو كأنه أزير ([70]) مرجل ([71]) بدأ يغلي على النار .
وكان كل ما يملكه يوم وفاته هو بضع دراهم ، قسم منها قضى به دين له وأعطى الباقي لبعض الفقراء الذين جاءوا إلى بيته يطلبون إحسانا .
والثوب الذي كان يلبسه حينما فاضت روحه إلى بارئها كان به رقعا عديدة .
أما البيت الذي طالما انتشر منه النور إلى العالم فكان معتما لأنه لم يكن في المصباح زيتا .
الثبات على المبدأ حتى الموت :
لقد تغيرت الظروف المحيطة به ولكن نبي الله لم يتغير . وكانت لمحمد نفس الشخصية سواء في حال النصر أو الهزيمة وسواء في حالة القوة أو المحنة وسواء في ساعة اليسر أو العسرة . فرسل الله وأنبياؤه لا يتبدلون كما لا تتبدل طرق الله وسننه ونواميسه .
محمد الأعظم : ([72])
يقول المؤرخ الفرنسي لامارتين ([73]) في كتابه :
" تاريخ تركيا " . طبعة باريس 1854 . المجلد الثاني ص 276 و277 :
لو أن عظم الغاية
وصغر الوسائل وقلة الموارد
والنتائج المدهشة
هي ثلاثة معايير لعبقرية الإنسان ، فمن يجرؤ على مقارنة أي رجل عظيم في التاريخ الحديث بمحمد ؟
إن أشهر الرجال صنعوا الأسلحة وشرعوا القوانين ووضعوا النظريات وأسسوا الإمبراطوريات فقط . فهم لم يؤسسوا – لو اعتبرنا أنهم أسسوا شيئا يذكر – أكثر من قوى مادية أو سلطات مادية كثيرا ما انهارت وزالت أمام أعينهم .
أما هذا الرجل ، محمد ، فإنه لم يحرك ويؤثر في الجيوش والتشريعات والإمبراطوريات والشعوب والأسر الحاكمة فقط ولكنه حرك وأثر في ملايين الرجال ، بل الأكثر من ذلك إنه أزاح الأنصاب ([74]) والمذابح والآلهة الزائفة وأثر في الأديان وغير الأفكار والاعتقادات والأنفس .
واستنادا إلى كتاب كل حرف منه صار يمثل شريعة ، أسس محمد قومية روحية ( أو دينية ) ( spiritual nationality ) امتزجت فيها بتآلف سويا شعوب من كل لسان ومن كل جنس .
إن فكرة وحدانية الله التي أعلنها ونادى بها ودعا وسط السأم الشديد من النظريات اللاهوتية ([75]) الخرافية غير القابلة للتصديق ( fabulous theologies ) ، كانت في نفسها معجزة بحيث أنه بمجرد أن صرح بها دمرت جميع الاعتقادات الخرافية القديمة ..
إن صلواته ودعواته المتصلة ، وأحاديثه الغيبية أو مناجاته مع الله ، ووفاته ونجاحه وانتصاره بعد وفاته ، كلها أمور لا تشهد على أنه كان دجالا أو مدعيا للنبوة ولكنها تشهد على إيمان راسخ منحه القوة لكي يحيى ويجدد العقيدة . وهذه العقيدة كانت ذات شقين هما : وحدانية الله وأن الله ليس كمثله شيء . فالشق الأول يثبت لنـا ما لله ( مـن أسماء وصفات ) ( what God is ) والشق الآخر ينفي عنه ما ليس له ( what God is not ) ... ([76])
" .. حكيم وخطيب ورسول ومشرع ومقاتل وسيد على الأفكار ومحيي ومجدد للاعتقادات المعقولة والمنطقية ولدين بلا تماثيل ولا صور ، ومؤسس لعشرين امبراطورية أرضية أو دنيوية ( terrestrial ) وامبراطورية واحدة روحية أو دينية ( spiritual ) ، هذا هو محمد .
ووفقا لكل المقاييس التي يمكن أن تقاس بها عظمة البشر يحق لنا أن نسأل : هل هناك أي إنسان أعظم منه ؟ "
الفصل الخامس
تراث خالد للعالم
أكثر من أمين :
هناك قول مأثور بأن الرجل الأمين هـو أفضل خلق الله . وقد كان محمد أكثر من أمين . ([77]) لقد كان إنسانا بكل ما في الكلمة من معان . وكانت سعادة نفسه ورضاها في التعاطف والتواد والمحبة الإنسانية .
لقد كان الهدف من بعثته ورسالته وكل الغاية من حياته ومنتهاها هو أن يخدم الإنسان وأن يهذب الإنسان وأن يزكي الإنسان وأن يعلم الإنسان وباختصار أن يجعل من الإنسان إنسانا متمدنا متحضرا .
لقد كان مصدر إلهامه الوحيد والقاعدة الهادية الوحيدة له في أفكاره وأقواله وأفعاله هو المصلحة البشرية . ([78])
لقد كان محمد غير متباه وغير متفاخر إلى أبعد الحدود وكان منكرا لذاته إلى أقصى درجة . وما هي الألقاب التي اتخذها لنفسه ؟ إنهما لقبان فقط : عبد الله ورسوله . عبده أولا ثم رسوله . رسول نبي مثل كثير من الأنبياء في كل مكان من هذا العالم بعضهم معروف لنا وكثيرا منهم لا نعرفهم . ([79])
وإذا لم يعتقد إنسان ما بأي من هذه الحقائق فإنه لم يعد مسلما . إنها من شروط إيمان جميع المسلمين .
يقول أحد الكتاب الغربيين :
" إذا نظرنا إلى الظروف المحيطة فـي زمنه والاحترام غير المحدود من أتباعه له ، فإن أكثر الأمور إعجازا في شأن محمد هو أنه لم يدع أبدا القوة أو القدرة على عمل المعجزات " .
لقد جرت المعجزات على يديه ولكن ليس لكي ينشر دينه . وكان يعزوها بالكلية إلى الله وطرقه التي هي فوق البحث والتفسير . وكان يقول بصراحة ووضوح إنه بشر مثلهم . ([80]) فلم يكن له كنوز في الأرض ولا في السماء . ولم يزعم أنه يعلم أسرار المستقبل . كل ذلك جرى في زمن كانت تعتبر فيه المعجزات حوادث عادية ، تجري بإرادة أقل القديسين قدرا ، وعندما كان الجو كله مشحونا بالإيمان بالقوة الخارقة الطبيعية سواء في جزيرة العرب أو خارجها .
التوجه العلمي تركة محمد :
لقد وجه محمد انتباه أتباعه للنظر في الكون وسننه حتى يفهمونها ويقدرون مجد الله حق قدره .
يقول القرآن :
" وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ([81]) ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ " ( الدخان : 38 – 39 )
إن العالم ليس وهما أو خدعة ولا هو مخلوق بلا هدف . إنه خلق بالحق . إن عدد آيات القرآن الداعية إلى تدبر الكون هي عدة أضعاف تلك الآيات المتعلقة بالصلاة والصوم والحج .. إلخ ، مجتمعة وبدأ المسلمون بتأثيرها يلاحظون الكون ملاحظة دقيقة وتولد عن هذا روح الملاحظة والتجربة العلمية التي لم تكن معروفة لقدماء اليونانيين .
إن ابن البيطار ([82]) عالم النبات المسلم كتب مؤلفاته في علم النبات بعد أن جمع النباتات من جميع أنحاء العالم وقد وصفه " ماير " ( Mayer ) في كتابه ( Gesch der Botanika ) بأنه أحد أبرز علماء الصناعة .
وارتحل البيروني ([83]) مدة أربعين سنة لجمع العينات الخاصة بعلم المعادن . وقد رصد علماء الفلك المسلمون بعض المشاهدات الدقيقة على امتداد أكثر من اثنتي عشرة سنة ، بينما كتب أرسطو ([84]) مؤلفاته في علم الطبيعة بدون إجراء تجربة واحدة . وكتب بإهمال في التاريخ الطبيعي مقررا أن للإنسان أسنانا أكثر من الحيوان بدون أن يكلف نفسه عناء التحقق بالتجربة من هذه الحقيقة التي يمكن إثباتها ببساطة شديدة .
الغرب مدين للعرب في العلوم :
أخبر " جالين " ([85]) أعظم خبير في علم التشريح التقليدي بأن الفك السفلي يتكون من عظمتين . وقد ظل هذا التقرير مقبولا بلا اعتراض لقرون حتى تجشم عبد اللطيف مشقة فحص الهيكل العظمي للإنسان .
ويعطي " روبر بريفو " ( Robert Briffault ) في كتابه المعروف " صناعة البشرية " ( The Making of Humanity ) عدة أمثلة أخرى مشابهة ثم يقرر :
" إن دين علمنا للعرب لا يكمن في الاكتشافات المثيرة أو النظريات الثورية . إن العلم مدين لثقافة العرب ([86]) بشيء أعظم من ذلك بكثير . إنه مدين لها بوجوده " . ويقول نفس المؤلف : " إن قدماء اليونانيين نظموا وصنفوا ورتبوا منهجيا وعمموا ووضعوا النظريات ولكن الأساليب والطرق المتأنية في البحث وتجميع العلم الإيجابي أو الحقيقي وطرق العلم الدقيقة والملاحظة الدقيقة والممتدة والبحث التجريبي ، كلها أمور بعيدة عن المزاج اليوناني ومخالفة له . إن ما نسميه علما نشأ في أوروبا نتيجة لطرق جديدة للبحث ونتيجة لطريقة التجربة والملاحظة والقياس ونتيجة لتطور الرياضيات بشكل لم يكن معروفا لليونانيين ... إن هذه الروح وتلك الطرق أدخلت إلى العالم الأوروبي للمرة الأولى بواسطة العرب " .
الفصل السادس
محمد رسول الله
الإسلام طريقة كاملة للحياة :
إن نفس الصفة العملية لتعاليم النبي محمد هي التي ولَّدت الروح العملية وجعلت أيضا الأعمال اليومية وما يسمى بالأمور الدنيوية مقدسة .
إن القرآن يقول إن الله خلق الإنسان ليعبده . ([87]) ولكن كلمة " العبادة " هنا لها دلالة خاصة . فعبادة الله لا تقتصر على الصلاة وحدها ولكن كل عمل يرضي الله يُعمَل بهدف الفوز وهو في مصلحة البشر يدخل في نطاق هذه الكلمة .
إن الإسلام يقدس الحياة وكل سعي وكفاح في الحياة ، طالما أن هذا الكفاح وذلك السعي عُمِلَ بأمانة وصدق وعدل ونوايا مخلصة .
والإسلام يلغي الفصل أو التمييز القديم بين ما هو ديني وما هو دنيوي . فالقرآن يقول إنك إذا أكلت الأشياء الطيبة وشكرت الله عليها ، فإن هذا يعد عملا من أعمال العبادة . وهناك مقولة لنبي الإسلام بأن اللقمة التي يضعها المرء في فم زوجته هي من أعمال البر التي يثيبه الله عليها . وهناك حديثا نبويا آخر معناه : " إن الذي يقضي شهوته يؤجره الله عليها طالما أتاها من طريق حلال " . فتعجب أحد المستمعين إليه قائلا : " يا نبي الله إنما هو يستجيب لشهواته " . فأجابه النبي بما معناه " أرأيت إن أتاها عن طريق حرام أما كان عليه وزر ؟ فكذلك إن أتاها من طريق حلال كان له فيها أجر " .
التعاليم السامقة :
إن هذا الفهم الجديد للدين على أنه يجب أن يهتم بتحسين هذه الحياة أكثر من انحصار اهتمامه بالأمور فوق الدنيوية أو العلوية ( supermundane ) ، أدى إلى توجه جديد للقيم الأخلاقية . إن التأثير الثابت على العلاقات المشتركة للبشر في أمور الحياة اليومية وسلطته الشديدة على الجماهير وتنظيمه لفهمهم للحقوق والواجبات وصلاحيته وموافقته للإنسان البدائي الجاهل وللفيلسوف الحكيم على حد سواء ، هي معالم مميزة لتعاليم نبي الإسلام .
الإسلام الصحيح والعمل الصالح هما الأساس :
يجب الأخذ في الاعتبار بعناية بالغة أن هذا التأكيد والتركيز على الأعمال الصالحة في الإسلام ليس على حساب صحة الإيمان .
وبينما تعظم إحدى المذاهب الفكرية الكثيرة الإيمان على حساب العمل ([88]) وتحض الأخرى على الأعمال المختلفة بما يضر بالإيمان الصحيح ([89]) ، نجد الإسلام مبني على صحة الإيمان والأعمال . فالوسيلة في الإسلام تستوي مع الغاية في أهميتها والغاية تماثل الوسيلة في خطورتها . إنهما يعتبران وحدة عضوية . وهما يعيشان ويزدهران معا .
وكلاهما يضمحلان وينتهيان حين نفصلهما عن بعضهما البعض . إننا في الإسلام لا يمكننا أن نفصل الإيمان عن العمل . فالعلم الصحيح يجب أن يترجم إلى عمل صحيح حتى تأتي النتائج الصحيحة المرجوة .
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً " ([90])
وكم وردت مثل هذه الكلمات في القرآن ؟ ليس أقل من خمسين مرة . ترددت مثل هذه الكلمات في القرآن مرارا وتكرارا .
إن التفكر أو التدبر أمر مطلوب في الإسلام ولكن مجرد التفكر أو التدبر ليس هو الهدف .
إن الذين آمنوا ولم يعملوا شيئا لا يمكن أن يكون لهم وجود في الإسلام .
أما الذين آمنوا ثم عملوا السيئات فقد وقعوا في تناقض شديد .
إن الشرع الإلهي هو شرع يستلزم المجاهدة وليس شرعا ذهنيا أو نظريا .
( Divine law is the law of effort and not of ideals )
إنه يهدي الناس إلى طريق الارتقاء السرمدي من العلم إلى العمل ومن العمل إلى الرضى .
الله لم يكن كفوا أحد ([91]) :
ولكن ما هو الإيمان الصحيح الذي ينشأ عنه العمل الصالح تلقائيا ويسفر عنهما الرضى الكامل ؟
إن العقيدة الرئيسية والتعليم الرئيسي في الإسلام هي وحدانية الله . إن شهادة أن : لا إله إلا الله ([92]) ، هي الأساس الذي يتوقف عليها جميع تعاليم الإسلام وممارساته .
إن الله فرد ([93]) ليس كمثله شيء ، ليس فقط فيما يختص بذاته الإلهية ولكن أيضا فيما يختص بصفاته الإلهية .
وفيما يتعلق بصفات الله فإن الإسلام يتخذ مسلكا وسطا قيما ([94]) كما هو شأنه في الأمور الأخرى أيضا .
فالإسلام يبطل من جهة الفكرة التي تسلب أو تجرد الذات الإلهية من كل صفة ويرفض من جهة أخرى الفكرة التي تشبهه بالأشياء المادية .
والقرآن يصرح من جهة أنه " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " ([95]) ومن جهة أخرى يؤكد أنه سميع بصير عليم . إنه الملك المنزه عن العيب والخطأ والنقص . وملكوته الذي هو مظهر من مظاهر قوته ، يقوم على القسطاس والعدل . وهـو الرحمن الرحيم . وهو على كل شيء حفيظ .
والإسلام لا يقف عند هذا الحد بهذا التقرير الإثباتي ، بل إنه يمضي – وهذه هي أكثر مميزاته الخاصة – فيضيف جانب النفي للمسألة . فلا يوجد أحد غير الله حفيظ على كل شيء . وهو الجبار . وهو يجبر ([96]) كل كسر ولا يوجد أحد غير الله يجبر كل كسر . وهو الذي يخلف على خلقه مهما كان مقدار الخسارة .
فلا إله إلا الله المنزه عن الحاجة ، خالق الأجساد وبارئ النَّسَم ([97]) ، مالك يوم الدين .
والقرآن يوجز هذا المعنى بقوله :
" قُلِ ادْعُـوا اللَّهَ أَوِ ادْعُـوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى " ( الإسراء : 110 ) .
مكانة البشر بين الخلق :
يقول القرآن عن مكانة الإنسان بالنسبة للكون :
" اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " ( الجاثـية : 12 ، 13 )
أما عن مكانة الإنسان بالنسبة لله فيقول القرآن :
" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ ([98]) وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " ([99]) ( الملك : 1 ، 2 )
فعلى الرغم مما يتمتع به الإنسان إلى حد ما من حرية الإرادة فإن كل امرئ يولد في ظروف خاصة ويظل يعيش في ظل ظروف خاصة خارجة عن سيطرته ، ووفقا للإسلام فإن الله يقول في هذا الصدد ، إنها إرادتي أن أخلق كل إنسان في ظل الظروف التي أرى أنها الأفضل له . والبشر القاصرون المحدودي العقل والعمر لا يستطيعون فهم السنن الكونية أو التدبير الإلهي فهما كاملا . ولكني بكل تأكيد سأبلوكم بالغنى والفقر وبالصحة والمرض وبالرفع والخفض .
وطريقتي في الابتلاء تختلف من إنسان لإنسان ومن ساعة لأخرى . ولكن لا تيأسوا عند الفقر .
ولا تلجأوا إلى الوسائل المحرمة . ([100]) فما هذه الحياة إلا مرحلة زائلة لا محالة .
ولا تنسوا الله في الغنى ، فما أعطاك الله إنما هو على سبيل الأمانة أو الوديعة ([101]) . وأنت دائما أبدا في اختبار وفي كل لحظة في امتحان .
وفي هذه الحياة الدنيا " ليس لهم أن يعقلوا العلل والأسباب وإنما عليهم أن يعملوا ثم يموتوا " .
فإذا عشت فعش في توافق مع الله وإذا مت فمت على منهج الله أو في سبيل الله .
ولتسمي هذا التصور بالجبرية ([102]) ( Fatalism ) . ولكن هذا النوع من الجبرية هو حالة من الجهد الشديد المتزايد الذي يجعلك دائما يقظا حذرا .
ولا تعتبر هذه الحياة الدنيا الزائلة منتهى الوجود البشري . فهناك حياة بعد الموت وهي حياة خالدة . إن الحياة بعد الموت هي مجرد وصلة ربط أو باب يفتح على الحقيقة الغائبة للحياة . ([103])
وكل عمل في الحياة الدنيا مهما كان ضئيلا يحدث أثرا باقيا ([104]) ، ويتم تسجيله بدقة بطريقة ما . ([105])
الدنيا إعداد للآخرة :
إن بعض طرق الله معروفة لك ولكن كثيرا منها يخفى عليك . وسوف ينكشف ويتضح أمامك في الآخرة ما كان مستورا منك ومخفيا داخلك في هذه الحياة الدنيا . وسوف يسعد المحسنون بأنعم الله مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وسوف يتقدمون وسوف يرتقون فيبلغون الدرجات العلا من الجنة .
وأولئك الذين أضاعوا الفرصة في هذه الحياة الدنيا سوف يخضعون للسنة الحتمية بأن يذوقوا وبال ما كسبوا ويخضعون لفترة تطهير من الذنوب التي عملتها أيديهم .
والحذر كل الحذر فإن الحساب عسير . إنه يمكنك أن تتحمل الألم الجسدي إلى حد ما . ولكن العذاب الروحي هو جهنم ([106]) ولن تستطيع تحمله .
ولتجاهدن في هذه الحياة الدنيا نزعات النفس الأمارة بالسوء ([107]) التي تغويك وتغريك على ارتكاب الظلم . ولتصلن إلى المرحلة التالية حينما تستيقظ في ضميرك النفس اللوامة ([108]) وترغب النفس في بلوغ الامتياز الأخلاقي وتثور ضد التمرد والعصيان . وهذا سيصل بك إلى المرحلة الأخيرة مرحلة النفس المطمئنة ([109]) الراضية بالله والتي تجد السعادة والفرح بالله وحده . فلا تزل النفس بعد هذا . فتولى مرحلة الكدح . وينتصر الحق ويزهق الباطل . وتنحل حينئذ جميع العقد . ولن يكون بيتك منقسما على نفسه . وستتوحد وتتحد شخصيتك حول جوهر التسليم الرئيسي لإرادة الله وتسلم تسليما كاملا لغاية الله البصيرة ( divine purpose ) . وستنطلق حينئذ في سلام ، وسيخاطبك الله ([110]) عندئذ قائلا :
" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، وَادْخُلِي جَنَّتِي ) ( الفجر : 27 – 30 )
مصير الإنسان :
هذه هي الغاية النهائية للإنسان . أن يصبح من ناحية سيدا للكون ، وأن يدرك من ناحية أخرى أن نفسه ستطمئن بالإيمان بربها ليس فقط برضى ربه عنه ولكن برضاه عن ربه أيضا ، وسينتج عن ذلك ؛ الإطمئنان كل الإطمئنان والرضا كل الرضا والسلام كل السلام .
ويصير حب الله في هذه المرحلة بمثابة زاده فينهل من أعماق ينبوع الحياة . فلا الحزن ولا العجز يغلبه ولا النجاح يجعله فرحا فخورا .
وقد كتب توماس كارلايل منبهرا بهذه النظرة الحكيمة عن الحياة في كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " يقول :
" ثم إن الإسلام أيضا يعني أنه ينبغي أن نسلم ونخضع لله ، وأن قوتنا الكاملة وعافيتنا إنما تكمن في الطاعة المذعنة لله . ومهما فعل بنا ، ومهما أنزله بنا أو بعثه علينا من شيء ، وإن كان الموت أو ما هو أسوأ من الموت ، فهو الشيء الطيب والأفضل لنا ، ونحن نسلم أمرنا لله " .
ويمضي توماس كارلايل يقول " إن جوته ([111]) يقول :
" إذا كان هذا هو الإسلام ، ألسنا جميعا نحيا بالإسلام ؟ " .
إن توماس كارلايل يجيب بنفسه عن هذا السؤال الذي طرحه جوته بقوله :
" بلى ، نحن جميعا نحيا كذلك ، كل من يحيا منا حياة أخلاقية . وهذه أيضا أسمى حكمة أنزلها الله إلى أرضنا " .
ويمضي توماس كارلايل قائلا :
" إن رسالة هذا الرجل ( محمد صلى الله عليه وسلم ) إنما هي صوت نابع من الفطرة . إن الناس يصغون وينبغي أن يصغوا إلى هذه الفطرة كما لم يصغوا إلى شيء آخر . فكل شيء آخر بالمقارنة لها إنما هو لغو .. " .
شهادة غير المسلمين في محمد
( صلى الله عليه وسلم ) والقرآن ([112])
1- يقول " إدوارد جيبون " ([113]) وسيمون أوكلي " في كتاب " تاريخ الإمبراطورية العربية الإسلامية " طبعة لندن ( 1870 ) ص 54 :
" لا إله إلا الله محمد رسول الله هي عقيدة الإسلام البسيطة والثابتة . إن التصور الفكري للإله ( في الإسلام ) لم ينحدر أبدا إلى وثن مرئي أو منظور . ولم يتجاوز توقير المسلمين للرسول أبدا حد اعتباره بشرا ، وقيدت أفكاره النابضة بالحياة شعور الصحابة بالامتنان والعرفان تجاهه ، داخل حدود العقل والدين " .
2- يقول " ديوان شند شرمة " في كتابه : " أنبياء الشرق " . طبعة كلكتا ( 1935 ) ص 122 :
" لقد كان محمد روح الرأفة والرحمة وكان الذين حوله يلمسون تأثيره ولم يغب عنهم أبدا " .
3- يقول " جون وليام دريبر " الحاصل على دكتوراة في الطب والحقوق في كتابه " تاريخ التطور الفكري الأوروبي " . طبعة لندن ( 1875 ) المجلد الأول ، ص 229 و 230 :
" ولد في مكة بجزيرة العرب عام 569 بعد المسيح ، بعد أربع سنوات من موت جوستنيان الأول ، ([114]) الرجل الذي كان له من دون جميع الرجال ، أعظم تأثير على الجنس البشري .. وهو محمد " .
4- يقول ر. ف. س. بودلي في : " الرسول " لندن ( 1946 ) ص 9 :
" إنني أشك أن أي إنسان لا يتغير لكي يلائم ويوافق التغيرات الكثيرة جدا في ظروفه الخارجية ، كما لم يتغير محمد " .
5- يقول هـ. أ. ر. جب ([115]) في كتاب " المحمدية " ([116]) طبعة لندن ( 1953 ) ص 33 :
" إنه من المسلم به عالميا بصفة عامة أن إصلاحاته ( أي محمد ) رفعت من قدر المرأة ومنزلتها ووضعها الإجتماعي والشرعي " . ([117])
6- ويقول " جون أوستن " في مقال له بعنوان " محمد نبي الله " في مجلة ت. ب. وكاسل الأسبوعية في 12 سبتمبر سنة 1927 بعد المسيح :
" لقد أصبح محمد بالفعل في خلال ما يربو قليلا عن العام ما يمكن أن نسميه بالحاكم الروحي والدنيوي للمدينة ، ويده على الرافعة التي كان مقدر لها أن تهز العالم " .
7- ويقول " ج. كريستي ولسن " في كتاب " التعريف بالإسلام " طبعة نيويورك ( 1950 ) ص 30 :
" يعـد القرآن أكثـر الكتب الدينية فـي العالم إجلالا وأكثرها قوة بعـد الكتاب المقدس " . ([118])
8- ويقول " تشارلز فرانسيس بوتر " في كتاب " الأديان التي يحيا بها البشر " . نشر كينجزوود ، سرى ( 1955 ) ص 81 :
" إن القرآن هو الأكثر قراءة من أي كتاب آخر في العالم .
قد يكون الكتاب المقدس المسيحي أكثر الكتب مبيعا في العالم ، ولكن هناك حوالي 250 مليون مسلم ([119]) من أتباع النبي محمد يقرأون أو يتلون أجزاء طويلة من القرآن خمس مرات يوميا في كل يوم من أيام حياتهم من يوم استطاعتهم الكلام " .
9- يقول " ج. شِلِيدي " أستاذ اللاهوت في كتاب " السيد المسيح في القرآن " طبعة سورات ( 1913 ) ص 111 :
" إن القرآن هو كتاب المحمديين ([120]) المقدس . وهو ينال توقيرا أكثر من أي كتاب مقدس آخر ، أكثر من العهد القديم اليهودي والعهد الجديد المسيحي " .
10- ويقول " هـ. أ. ر. جب " في كتاب " المحمدية " طبعة لندن ( 1953 ) ص 33 :
" إذن لو كان القرآن من تأليف محمد لكان من الممكن أن ينافسه ويضارعه رجال آخرون . وليأتوا بعشر آيات من مثله مفتريات . وإذا لم يستطيعوا ( ومن الواضح أنهم لم يستطيعوا ) فليقبلوا القرآن كمعجزة وبرهان ظاهر " .
11- ويقول " باسنتا كومار بوز " فـي كتاب " المحمدية " طبعة كلكتا ( 1931 ) ص 4 :
" فلم يكن هناك مجال لأي تزييف أو حيلة كاذبة في القرآن وهذا ما يميزه عن جميع الأعمال الدينية ([121]) الهامة تقريبا التي ترجع إلى الأزمنة القديمة ..
إنه لأمر بعيد جدا أن يكون هذا الإنسان الأمي قد ألف أفضل كتاب في اللغة العربية " .
12- ويقول " أ. س. تريتون " في كتاب " الإسلام " طبعة لندن ( 1951 ) ص 21 :
" إن صورة الجندي المسلم المتقدم وبإحدى يديه سيفا وبالأخرى مصحفا هي صورة زائفة تماما " .
13- ويقول " دو لاسي أوليرى " في كتاب " الإسلام في مفترق الطريق " طبعة لندن ( 1923 ) ص 8 :
" وبالرغم من ذلك فقد أوضح التاريخ أن الأسطورة القائلة باجتياح المسلمين المتعصبين للعالم وفرضهم الإسلام على الأجناس المقهورة تحت تهديد السلاح ، هي إحدى كبرى الأساطيـر أو الخرافات الخيالية ، التي رددها فـي أي وقت المؤرخون ، سخافة ومنافاة للعقل " .
أولا : مصادر تعليقات المترجم
1- القرآن الكريم .
2- صفوة البيان لمعاني القرآن . الشيخ حسنين محمد مخلوف .
3- مصحف القادسية المفسر " مختصر تفسير الطبري " .
4- الكتاب المقدس – دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ( 1987 م )
5- زاد المعاد في هدي خير العباد . ابن قيم الجوزية .
6- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى . ابن قيم الجوزية . تقديم وتحقيق وتعليق د. أحمد حجازي السقا . المكتبة القديمة . الطبعة الرابعة ( 1407 هـ ) .
7- حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر – الأستاذ اللواء أحمد عبد الوهاب . مكتبة وهبة . الطبعة الأولى ( 1981 م ) .
8- هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ أحمد ديدات ترجمة نورة أحمد النومان .
9- محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بشارة المسيح . أحمد ديدات ترجمة وتعليق محمد مختار .
10- الله في اليهودية والمسيحية والإسلام . أحمد ديدات ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي الطبعة الأولى ( 1411 هـ - 1991 م ) .
11- العرب وإسرائيل صراع أم مصالحة ؟ أحمد ديدات .. تقديم د. مصطفى الشكعة . ترجمة وتعليق محمد مختار . مكتبة النور . الطبعة الأولى ( 1411 هـ - 1991 م ) .
12- المسيح في الإسلام . أحمد ديدات . ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي – الطبعة الأولى ( 1411 هـ - 1990 م ) .
13- من المعمدانية إلى الإسلام . أحمد ديدات . جهادة جلكريز ، ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي . الطبعة الأولى ( 1412 هـ - 1992 م ) .
14- الخمر بين المسيحية والإسلام . أحمد ديدات . المركز العالمي للدعوة الإسلامية بدربان في جمهورية جنوب إفريقية . ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي . الطبعة الأولى ( 1412 هـ - 1992 م ) .
15- المعجم الوسيط .
16- المورد ( 1990 م ) .
ثانيا : المراجع الأجنبية
1. 50,000 Errors in the Bible ?
Islamic Propagation Centre International .
Durban, Republic of South Africa, reprint of pages 25 and 26 of Awake . ( a Christian magazine ) Volume XXXVIII
Number 17, Brooklyn, New York, U.S.A. September 8, 1957 .
2. Webster New Collegiate Dictionary
( 1977 ) G. & C. Merriam Company, Spring Field, Massachusetts, U.S.A.
3. Chambers Twentieth Century Dictionary
( New Ed. 1972, Reprint 1973 ) Allied Publishers Private Ltd; New Delhi, India .
ديدات يحاضر في أبناء مكة المكرمة :
الكتاب المقدس يؤكد نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم
" كيف كانت بداية الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وما هي الأشياء التي وردت في الكتاب المقدس ( الانجيل ) والتي تؤكد صدق رواية الوحي ؟ " كان هذا عنوان المحاضرة القيمة التي ألقاها الداعية الكبير الشيخ أحمد ديدات في نادي مكة الثقافي وحضرها عدد غفير من أبناء مكة المكرمة وتحدث فيها عن تجربته الثرية في مجال الدعوة والمناظرة مع أتباع الديانات الأخرى ، كما تحدث عن الأصولية وما يريده الغرب من إلصاق تهمة التطرف والإرهاب بالمسلمين في يومنا هذا .
بدأ فضيلة الشيخ أحمد ديدات محاضرته بالقول أن موضوعها كان وليد الساعة ولم يكن سابق التحديد ، وذكر أن ما أوحى إليه بالموضوع هو زيارته إلى غار حراء بجبل النور صباح يوم المحاضرة وهو المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمضي فيه كثيرا من الوقت مرارا وتكرارا في تأمل هادئ آمن ، ليس انتظارا لأن يبعث نبيا فلم يكن يدور بخلده أدنى تصور كهذا بل مفكرا فيما آل إليه حال قومه أهل مكة أيام الجاهلية من انغماس في الرذائل كشرب الخمر والزنى والقمار والتقاتل لأتفه الأسباب ووأد البنات والزواج من زوجات الآباء لدرجة صاروا فيها وحسب وصف المؤرخ الكبير جيبون – لا يتميزون عن الحيوانات سوى بهيئاتهم كبشر . وقال إنه في هذا المكان بدأ الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم حيث نزلت أول خمس آيات من القرآن وهي التي في أول سورة العلق وذلك عندما ألقاها إليه جبريل عليه السلام بلسان عربي مبين قائلا : " إقرأ " .
تأكيد الكتاب المقدس للوحي :
وذكر ديدات أن الرواية السابقة عن بداية نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء ما يؤكدها في الكتاب المقدس لليهود والنصارى ، كما يفضل فضيلته تسميته – وليس الإنجيل . وأوضح أن هذا الكتاب ينقسم إلى قسمين هما : العهد القديم الذي يؤمن به كل اليهود والنصارى على أنه كلام الله ، والعهد الجديد الذي يؤمن به النصارى وحدهم أنه كلام الله وأن هذا الكتاب المقدس عبارة عن موسوعة تضم أسفاراً أصغر تبلغ ستا وستين منها : سفر التكوين ، وسفر الخروج ، وسفر العدد ، وسفر التثنية وغيرها من الأسفار . وقال ديدات أن الجزء الذي جاء فيه تأكيد لتلك الرواية هو في سفر " إشعياء " أحد كتب العهد القديم الذي يؤمن به كل من اليهود والنصارى على أنه كلام الله ، حيث ورد في الفصل التاسع والعشرين منه النص رقم 12 الذي يقول : " في الكتاب المنزل إليه ، وهو الأمي ، قل : إقرأ فيقول : ما أنا بقارئ " ([122]) . وأشار إلى أنه وردت نبوءات كثيرة في الكتاب المقدس عن مجيء نبينا صلى الله عليه وسلم مؤكدة الآيات القرآنية في هذا الخصوص . مثال ذلك آية " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ " . ورد تأكيدها في كتاب التثنية في النص رقم 18 : 18 الذي يقول : " أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيهم به " .
نقطة التحول
وقال ديدات عن نفسه أنه إنسان عادي مثل بقية الناس رغم ما يتردد عنه في أوساطهم من أنه عالم كبير ، فهو لم يدرس في أية جامعة وإنما بدأ حياته بائعا في بقالة ومعرض أثاث وسائقا لشاحنة وإنه كان شغوفا بالقراءة فكان يقرأ كل ما تقع عليه عينه ويتحدث بلا ملل عن كل ما يقرأ حتى بلغ بحمد الله تعالى ما هو عليه الآن من احتراف للدعوة إلى الله والدفاع عن الإسلام . وذكر أن اهتمامه بمناظرة غير المسلمين يعود إلى ما قبل خمسين عاما حين ترك المدرسة والتحق بالعمل بائعا في بقالة ريفية ، وأمام البقالة كان يقع مقر بعثة تنصيرية أمريكية . وكان منصرو هذه البعثة يأتون للتسوق . وكانوا كثيرا ما يستفزونه هو وزملاءه الآخرين الذين يعملون في البقالة بعد أن علموا أنهم مسلمين وذلك بطرح أسئلة عليهم تشوه صورة الإسلام . وقال ديدات إن الفرج جاءه بعد عثوره على كتاب " إظهار الحق " باللغة الإنجليزية وهو كتاب أعد لمساعدة مسلمي الهند في الرد على النصارى وساعده الكتاب في معرفة الكتاب المقدس وما فيه من تناقضات .
حفظ الأدلة سلاح للدفاع عن الدين
وفي المحاضرة نبه ديدات إلى تقصير المسلمين في أداء واجب الدفاع عن دينهم ضد اليهود والنصارى فالمسلم عندما يواجه بادعاء من قبل يهودي أو نصراني لا يطالبه بالبرهان ، مخالفا بذلك التوجيه الرباني : " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " . وإنما يصمت أو قد يرد بما كتبه المسلمون أنفسهم ، ولكنه لا يعمد للاستدلال بما ورد في كتب المدعي نفسه . وقد بين فضيلته أن معرفة الأدلة ونشرها يعتبر ذو أهمية بالغة امتثالا للتوجيه النبوي : " بلغوا عني ولو آية " ، لأن الآية هي السلاح المعين في الدفاع عن الدين ، فبدون معرفة الأدلة وحفظها عن ظهر قلب يتعذر الدفاع مهما علت درجة المدافع العلمية أو كبرت عمامته ، لذلك كان فضيلته مهتما وبشكل تلقائي بهذا الأمر وحتى قبل أن يعرف مضمون التوجيه النبوي ، فكان مغرما بحفظ الأدلة عن ظهر قلب وبالذات من الكتاب المقدس للستلح بها في الدفاع بها عن الدين حتى أن أصدقاءه لقبوه يوما بلقب " ألف وثمانمائة وثمانية عشر " من كثرة ما كان يردد ويتحدث عن نص ( سفر التثنية 18 : 18 ) في الكتاب المقدس يشير إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويحمل نفس الرقم . وذكر فضيلته أنه يحفظ كثيرا من الأدلة عن ظهر قلب بلغات مختلفة مثل السواحلية والاندونيسية والنيجيرية والاسبانية والعبرية والزولوية بالإضافة إلى العربية للاستعانة بها عند اللزوم للدخول إلى قلب المتكلمين بهذه اللغات وإقناعهم .
مدرسة للدعاة تخلف ديدات
وجوابا عن سؤال آخر يدعو إلى قيام فضيلته بإنشاء مدرسة لإعداد تخلفه في الرد على اليهود والنصارى الذين عكروا في هذه الأيام حياة المسلمين ، طلب ديدات أن يكلف الآخرون عن ممارسة أقدم لعبة عرفها الإنسان وهي تحميل المسئولية للغير بدلا من أن يتحملوها بأنفسهم إذ يروي الكتاب المقدس أن آدم عليه السلام برر أكله من الشجرة التي نهي عن الأكل منها بأنه ما كان ليفعل ذلك لو أن الله لم يرسل إليه حواء التي زينت له ذلك ، ودعا إلى أن يتحمل كل فرد مسئوليته وأن يبدأ بالعمل حسب قدراته ، واعتذر عن عدم قدرته على الاستجابة لتلك الدعوة وأنه يكفيه أن قام بكتابة تسعة عشر كتابا يمكن لكل واحد منها أن يكون مادة دراسية في مجال الدعوة . واستعرض عناوين تلك الكتب التي منها : " ما اسمه ؟ " . " خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس " ، " المسيح في الإسلام " ، هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ " ، من حرك الحجر ؟ " ، " ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد ؟ " ، " محمد الخليفة الطبيعي للمسيح " ، " محمد الأعظم " ، " والعرب واسرائيل " ، " القرآن معجزة المعجزات " ، " المسلم في الصلاة " ، " محمد نبي الإسلام " ، " الطريق إلى القرآن " ، " الصلاة " ، " النبي هو الأول " .
تشويه مفهوم الأصولية
وتعليقا على سؤال ثالث يتذمر فيه سائله من كثرة استخدام وسائل الإعلام الغربية لكلمة ( الأصولية ) للإشارة إلى المسلمين وكيفية العمل لجعلها تكف عن ذلك ، قال ديدات أن كلمة أصولية تعني التمسك القوي بالتعاليم الأصولية للدين والعقيدة وهي بذلك تعتبر كلمة جميلة ، فنحن نؤمن بإله واحد ولا نساوم على ذلك ، ونعتقد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ولا نتزحزح عن ذلك ، ونصلي خمس مرات في اليوم ولا نساوم على ذلك . هذه هي الأصولية . فالجزائري والإيراني والسعودي وأي شخص آخر يتمسك بتعاليم الإسلام بثبات فهو أصولي ، وإننا كلنا أصوليين لأننا نتمسك بمبادئنا ولا نساوم عليها ولا نناقش فيها ، ولكن الغربيين شوهوا الكلمة بإعطائها معنى مغايرا ، يتضمن أن الأصولي إنسان متخلف ومتعصب وغير منطقي وإرهابي ، مثلما فعلوا بكلمات أخرى فأطلقوا اسم " ابن الحب " على ابن الزنى واسم " المرح " على " اللوطي ! " وقال ديدات أن تشويه وسائل الإعلام الغربية لمفهوم الأصولية ينبغي أن ينظر إليه على أنه فرصة وهبها الله لنا لنستفيد منها في الصحافة ، إلا أننا لا نستفيد منها ، إننا لكي نستفيد منها يجب أن نكتب للصحافة المرة تلو الأخرى وبلا ملل ودون انتظار المختصين مثل أحمد ديدات أو ابن باز أو عبد الله نصيف للقيام بالرد لأن الرد مهمة كل مسلم .
ويقول ديدات أن تجربته تشير إلى أن اليهود والنصارى عموما مهتمين بالإسلام ولكنهم مغسلوا الأدمغة ومبرمجون نحو اتجاهات معينة وأن واجب المسلمين هو العمل على إعادة برمجة هؤلاء وذلك بمجادلتهم وإقناعهم بالحجة والبرهان .
الفهرس
مقدمة المترجم
محمد صلى الله عليه وسلم وما يسطرون
محمد صلى الله عليه وسلم المثال الأسمى بقلم ك. س رامكرشنة راو
الفصل الأول : محمد نبي الإسلام
الفصل الثاني : المصطفى
الفصل الثالث : الأمين
الفصل الرابع : الصادق
الفصل الخامس : تراث خالد للعالم
الفصل السادس : محمد رسول الله
شهادة غير المسلمين في محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن
ديدات يحاضر في أبناء مكة
([1]) ( الزرادشتيون ) : جمع الزرادشتي : وهو أحد أتباع " زرادشت " . و " الزرادشتية " : ديانة فارسية قديمة أسسها " زرداشت " في القرن السادس قبل الميلاد وهي منشورة في " الـ " زند – أفستا " ( Zend – Avesta ) ( أي شرح التعاليم ) وهو كتاب الزرادشتين المقدس . وهي ديانة تقول بوجود إلهين : واحد يمثل الخير والنور وهو الإله أو الموجود الأعلى " أورمزد " ( Ormuzdor Or. Ormazd ) . وأصل التسمية في اللغة الفارسية " أهورا – مازدة " ( أي الإله أو الرب الحي الخالق العظيم أو الإله الحكيم ) . والآخر يمثل الشر والظلمة وهو " أهريمان " ( أي الروح العدائية ) وهو عدو " أهورا – مازدة " . وأن الصراع بينهما لا ينقطع . مجموع بتصرف من قاموس المورد ( 1990 ) وقاموس وبستر الجديد للطلبة ( 1977 ) وقاموس تشيمبرز للقرن العشرين ( 1973 ) . المترجم .
([2]) ( راما ) : هو إله أو بطل مؤله عند الهندوس المتأخرين الذين يعبدونه باعتباره تجسيد للإله " فيشنو " : الإله الثاني في الثالوث الهندوسي . قاموس وبستر الجديد للطلبة ( 1977 ) طبعة الولايات المتحدة الأمريكية . وقاموس تشيمبرز للقرن العشرين ( 1973 ) طبعة الهند . ( المترجم )
([3]) يعني الهندوس في جمهورية جنوب إفريقية . ( المترجم ) .
([4]) " أتناتو " هو الإسم الذي يطلقه سكان جنوب أستراليا الأصليين القدماء على إلههم ومعبودهم . ومفهومهم عن الإله أنه منزه تماما عن الحاجة ، فهو قائم بذاته ولا يعتمد على أحد غيره . ولا يحتاج إلى الطعام والشراب . ومعنى السؤال هنا : " هل كان محمد كذلك ؟ " راجع ( ص 37 – 41 ) من كتاب : " الله في اليهودية والمسيحية والإسلام " للأستاذ أحمد ديدات وقد قمت بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " . ( المترجم ) .
([5]) راجع ( ص 49 – 51 ) من كتاب : " الله في اليهودية والمسيحية والإسلام " تأليف أحمد ديدات . وقد قمنا بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي بالقاهرة ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " ( المترجم )
([6]) راجع ص 10 من كتاب " المسيح في الإسلام " تأليف أحمد ديدات . وقد قمنا بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي بالقاهرة ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " . ( المترجم )
([7]) يقصد قصة ولادة مريم ( عليها السلام ) وكفالتها المذكورة في ( آل عمران : 42 – 44 ) .
([8]) وذلك في قوله تبارك وتعالى : " ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ " ( آل عمران : 44 ) .
([9]) إن مريم ( عليها السلام ) لم يكن يهودية الديانة بل كانت تعبد إله آبائها إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وزكريا إلها واحدا مخلصة له الدين . فهي حنيفية مسلمة وما كانت من المشركين . أما من ناحية الجنسية فهي إسرائيلية نسبة إلى إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام . أما القول بأنها كانت يهودية( Jew ) نسبة إلى عقيدة وديانة يهود زمانها أو القول بأنها نصرانية فهو قول مجانب للصواب ومناف للحقيقة . أما إذا كان الأستاذ أحمد ديدات يقصد هنا أنها يهودية ( Judean ) نسبة إلى موطنها المسمى بـ " اليهودية " أو يهوذا أو جويا ( Judea ) وأغلب الظن أنه قصد ذلك – فلا بأس وكان من الأفضل لو قال إنها امرأة " إسرائيلية " بدلا من القول بأنها " يهودية " دفعا للشبهة وتحريا للدقة . والله أعلم . ( المترجم )
([10]) جاء في الكتاب المقدس ما يلي :
" فقال أبرام ( وهو الإسم القديم لإبراهيم ) لساراى ( وهو الإسم القديم لسارة ) هو ذا جاريتك في يدك . إفعلي بها ما يحسن في عينيك . فأذلتها ساراى ، فهربت من وجهها " . ( التكوين 16 : 6 )
" وقال ( ملاك الرب ) يا هاجر جارية ساراى من أين أتيت وإلى أين تذهبين . فقالت أنا هاربة من وجه مولاتي ساراى " ( التكوين 16 : 8 ) .
وإنه ( أي إسماعيل ) يكون إنسانا وحشيا . يده على كل واحد ويد كل واحد عليه وأمام جميع إخوته يسكن " . ( التكوين : 16 : 12 ) .
" وقال إبراهيم لله ليت إسماعيل يعيش أمامك . فقال الله بل سارة إمرأتك تلد إبنا وتدعو اسمه إسحاق . وأقيم عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده . وأما إسماعيل فقد سمحت لك فيه . ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا . إثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة . ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت من السنة الآتية " . ( التكوين 17 : 18 – 21 ) .
" ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم ( أي إسماعيل ) يمزح . فقالت لإبراهيم أطرد هذه الجارية وإبنها . لأن إبن هذه الجارية لا يرث مع إبني إسحاق . فقبح الكلام جدا في عيني إبراهيم لسبب إبنه ( إسماعيل ) " . ( التكوين 21 : 9 – 11 ) .
" وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال له يا إبراهيم . فقال هأنذا . فقال خذ إبنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك " . ( التكوين 22 : 1 ، 2 ) .
" فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته . وقال أحجب وجهي عنهم وأنظر ماذا تكون آخرتهم . إنهم جيل متقلب أولاد لا أمانة فيهم . هم أغاروني بما ليس إلها . أغاظوني بأباطيلهم . فأنا أغيرهم بما ليس شعبا ( يعني العرب ) . بأمة غبية أغيظهم " . ( التثنية 32 : 19 – 21 ) . ( المترجم )
([11]) كانت هاجر أميرة مصرية ولم تكن " جارية " أو أمة . إن المؤلف سيثبت بطريقة مقنعة وحاسمة من خلال كل وسيلة منطقية أنه وفقا لعلم تحسين النسل ووفقا للديانة اليهودية ووفقا للفطرة السليمة ، فإن ذرية هاجر أرفع مقاما ومنزلة من ذرية سارة وذلك في كتاب يصدر في المستقبل بعنوان " " ما لإسرائيل وما عليها " . ( المؤلف )
ملحوظة : صدر هذا الكتاب بعنوان : " العرب وإسرائيل صراع أم مصالحة ؟ " . وقد قمنا بترجمته والتعليق عليه وصدر بالعنوان الأخير وهو من نشر مكتبة النور بالقاهرة ، لمزيد من التفصيل راجع ( ص 50 – 53 ) . والتعليق رقم 16 و 21 ، ص 102 و 103 على الترتيب بالكتاب المذكور . ( المترجم )
([12]) راجع ( ص 39 – 45 ) من كتاب " المسيح في الإسلام " تأليف أحمد ديدات وقد قمنا بترجمته والتعليق عليه وصدر عـن دار المختار الإسلامي بالقاهرة ضمـن سلسلة " مكتبة ديدات " . ( المترجم ) .
([13]) من هم أعداء المسيح عليه السلام الحقيقيين ؟ إنهم اليهود الذين عرَّضوا له في شرعية ولادته ورسالته ورموه بالكفر والسحر والشعوذة وقالوا فيه وفي أمه ما قالوا وتآمروا عليه وحاولوا قتله عدة مرات . وكذلك أتباعه المزعومين الذين غلَوا فيه ورفعوه فوق منزلته الحقيقية وقالوا إنه " إبن الله " المولود وليس مخلوقا لله وعبدوه وأمه وأعطوه مجدا لم يطلبه لنفسه . فكان صادقا معهم وقال لهم إنه لا يطلب مجدا لنفسه ولكن مجد ربه وبين لهم إنه بذلك يكون قد برأ ذمته منهم وأظهر لهم أنه " صادق وليس فيه ظلم " . إن مجد المسيح الحقيقي هو في تمام عبوديته لله وهو ما أظهره بوضوح أمام تلاميذه بسجوده وتضرعه لله في الصلاة وأقرب ما يكون " العبد " من الله وهو ساجد . وبما فعل من أفعال التواضع بغسله أرجل التلاميذ كما جاء في بعض الأناجيل حتى لا يدخل قلبه ذرة كبر . فالكبرياء والعظمة لله وحده . لأنه كان يعلم أنه لن يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة كبر . ولأنه كان يقول : " ليس التلميذ أفضل من المعلم ولا العبد أفضل من سيده " ( متى 10 : 24 ) .
وقد تنبأ المسيح وبشر الحواريين برسول يأتي من بعده إسمه " أحمد " . وقد ذكر لهم بعض صفاته وأفعاله كما هو مبين في الإصحاح الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر من إنجيل يوحنا .
فوصفه بأنه " المعزى " وقد عزى محمد صلى الله عليه وسلم النصارى بأن أخبرهم بحقيقة المسيح وأن اليهود ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وأن الله رفعه إليه وطهره من الذين كفروا . كما وصف المسيح محمدا صلى الله عليه وسلم قائلا : " ذاك يمجدني " . وقد مجد محمد صلى الله عليه وسلم المسيح ( عليه السلام ) بأن أظهر للجميع عبوديته وبين منزلته الحقيقية وأعلن أن المسيح سيقف بين يدي الله ليسأله عن عبادة أتباعه المزعومين واتخاذهم إياه وأمه إلهين من دون الله . فأقام الله الحجة على النصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن الذي أخبر بوقوع هذا المشهد من مشاهد القيامة وبما يكون من جواب عيسى عليه السلام : " قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " . ( المائدة : 116 – 118 ) ( المترجم )
راجع ص 69 من كتاب : " المسيح في الإسلام " تأليف أحمد ديدات . وقد قمنا بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي بالقاهرة ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " . ( المترجم )
([14]) ( الأممي ) : ( غير اليهودي )
([15]) يقول الدكتور أحمد حجازي السقا الحائز على درجة الدكتوراة من كلية أصول الدين جامعة الأزهر في موضوع " البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل " : " المعزى : النائب عن المسيح أو الوكيل . وهي ترجمة كلمة ( فارقليط ) أو ( بارقليط ) . وأصل الكلمة " فيرقليط " أو " بيرقليط " . ومعناها " أحمد " صلى الله عليه وسلم . والكلمة العبرانية التي نطقها المسيح هي " بيرقليط " وتترجم في اللغة اليونانية " بيرقليطوس " ولكن النصارى .. للأسف – حرفوا نطقها إلى " بارقليط " التي تترجم في اللغة اليونانية " بارقليطوس " ثم حذفوها من التراجم الحديثة ووضعوا بدلها " المعزى " ... ولو علمت أن حروف المد من ألف أو ياء أو واو لا وجود لها في اللغة العبرانية قبل القرن الخامس الميلادي لعلمت أن شكل كلمة بيرقليط هو نفس شكل بارقليط " ا.هـ. مختصر من تعليق د. أحمد حجازي السقا على كتاب " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى " لابن قيم الجوزية . ص 98 بالهامش ، نشر المكتبة القيمة . الطبعة الرابعة ( 1407 هـ ) ( المترجم ) .
([16]) راجع الفصل الثاني من كتاب : " محمد بشارة المسيح " . تأليف أحمد ديدات . وقد قمنا بترجمته والتعليق عليه . ( المترجم )
([17]) اختلفت التراجم الإنجليزية للكتاب المقدس في ترجمة كلمة " الباراكليت " . وقد ذكر الأستاذ أحمد ديدات هنا أربعة منها . وقد قمنا بتحقيق هذه المعلومات في تعليقنا بهامش مقدمة كتاب : " من المعمدانية إلى الإسلام " قصة إسلام المهتدية جهادة جلكريز ومعه " الدعوة الإسلامية في مواجهة التنصير " بقلم أحمد ديدات . ( ص 25 – 27 ) وقد قمت بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي بالقاهرة ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " . ( المترجم )
([18]) راجع الفصل الثالث من كتاب : " محمد بشارة المسيح " تأليف أحمد ديدات . وقد قمت بترجمته والتعليق عليه . ( المترجم )
([19]) قال خالد الزعفراني في مصحف القادسية المفسر مختصر تفسير الطبري : ( فلما جاءهم بالبينات ) محمد صلى الله عليه وسلم " . ( المترجم )
([20]) و " المساعد " ( Helper ) و " المؤيد " ( Advocate ) هي بعض المترادفات العديدة لكلمة " باراكليتوس " اليونانية التي جاءت في الترجمة اليونانية لإنجيل يوحنا ( يوحنا 14 : 16 ، 26 ؛ 15 : 26 ؛ 16 : 7 ) . في معرض نبؤة المسيح عليه السلام عن النبي الذي سيأتي من بعده . ( راجع التعليق رقم 2 ص 30 بالهامش ) . ( المترجم )
([21]) أنظر نهاية الفصل الثاني من كتاب " محمد بشارة المسيح " تأليف أحمد ديدات وقد قمت بترجمته والتعليق عليه . ( المترجم )
([22]) أنظر كتاب " ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) " ، تأليف أحمد ديدات .
([23]) راجع فصل " من هو " المعزى " ؟ .
([24]) المؤلف يعتنق الهندوسية .
([25]) تاريخية يعني حقيقة من واقع التاريخ . ( المترجم )
([26]) لقد بقي القرآن حتى الآن أربعة عشر قرنا نقيا ومحفوظا ( المؤلف ) وسيظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها تصديقا لقول الله تبارك وتعالى " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " ( الحجر : 9 ) . المترجم
([27]) تقول دائرة المعارف البريطانية عن محمد إنه " الأكثر تاريخية من بين جميع الشخصيات الدينية " . ( المؤلف ) .
([28]) يقصد المؤلف إنه من اليسير التمييز بين الغث والثمين مما روي عن محمد صلى الله عليه وسلم أو نسب إليه من أحاديث وأخبار وقد وضعت في ذلك العلوم وصنفت فيه التصانيف . ( المترجم )
([29]) يقول توماس كارلايل ( الكاتب والمؤرخ والفيلسوف الإنجليزي المشهور ) : " إن الأكاذيب التي أثارتها الحماسة الصادرة عن حسن نية حول هذا الرجل ( أي محمد صلى الله عليه وسلم ) لا تشين إلا أنفسنا " . أنظر كتاب " المسيح في الإسلام " تأليف أحمد ديدات . وهو من ترجمتنا ونشر عن دار المختار الإسلامي بالقاهرة .
([30]) من الآية 256 من سورة البقرة .
([31]) هو إدوارد جيبون ( 1737 – 1794 بعد المسيح ) مؤرخ إنجليزي ، يعتبر أعظم المؤرخين الإنجليز في عصره . ( المورد ) ( 1990 ) .
([32]) المؤلف يقصد المسلمين ، فكلمة " المحمديون " قد توحي بعبادتهم للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . ولا يوجد بين المسلمين من يتخذ هذا النبي الكريم إلها أو يعبده ( المركز العالمي للدعوة الإسلامية ) راجع ص 10 – 12 من هذا الكتاب .
([33]) هذه ليست شريعة الإسلام ولا القرآن ولا محمد صلى الله عليه وسلم . يقول الله تبارك وتعالى في القرآن : " لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " ( الممتحنة : 8 ) قال خالد الزعفراني في مصحف القادسية المفسر مختصر تفسير الطبري : " ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم ) من جميع الملل " . قلت : إذن فلم يأمر الله في القرآن ولا رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة باستئصال من لا يؤمن بالإسلام من الملل الأخرى .
قارن ذلك بما جاء في الكتاب المقدس عن ما فعله يهود بني إسرائيل بسكان الأرض المقدسة " فلسطين " حين دخلوها مع يوشع بن نون فتى موسى عليه السلام الذي يسمونه عندهم يشوع بن نون خادم موسى ( يشوع 1 : 1 ) .
" وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف " ( يشوع 6 : 21 ) .
حرموا كل ما في المدينة : أي حرموا سبي أهلها واستحيائهم والغنيمة أي جعلوا أهلها حرام عليهم سبيهم واستحياءهم وأخذ أنعامهم وقتلوهم جميعا بحد السيف ولم يبقوا منهم أحدا . راجع ( ص 46 - 48 ) من كتاب " العرب وإسرائيل صراع أم مصالحة ؟ " تأليف أحمد ديدات وهو من ترجمتنا ونشر مكتبة النور – القاهرة . والتعليقات رقم 18 و19 و20 بالهامش ص 102 و103 من نفس الكتاب . ( المترجم ) .
([34]) من الآية 134 من سورة آل عمران .
([35]) إن الحرب دفاعا عن النفس أمر طبيعي ومشروع في كل عرف ودين . ويحلو لبعض المستشرقين وغيرهم عند الكلام عن دواعي الحرب في الإسلام الزعم بأن الإسلام جاء ليفرض على الجميع بحد السيف وذلك لإظهار الإسلام بصورة زائفة مشوهة والصد عنه بإخفاء تعاليمه السمحة أو القول بأن الإسلام انتشر بالسيف كمحاولة للنيل من عظمة الإسلام والتقليل من شأنه . وفريق آخر من المسلمين ومعهم بعض المستشرقين وربما بإيعاز ووحي منهم أو تأثرا بهم في محاولة منهم لإظهار ما يسمونه " الوجه الحضاري للإسلام " ( كأن للإسلام وجه آخر ليس كذلك ) أو إرضاءا لدعاوى تفريغ الإسلام من مضمونه وتزييف حقائقه وتمسكا منهم بأحاديث ضعيفة وربما موضوعة من ما ينسبونه للرسول صلى الله عليه وسلم من قول : " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " . ويفسرون الجهاد الأصغر بأنه القتال في سبيل الله .. والجهاد الأكبر بأنه جميع أركان وفرائض وفضائل الإسلام ما عدا القتال في سبيل الله !
إن القول بأن الإسلام انتشر بالسيف بمعنى أن الناس أكرهوا على اعتناقه هو غلط شنيع . كما أن القول بأن الإسلام لم يرفع سيفا في نشره هو أيضا خطأ جسيم . فإن الإسلام يشرع استخدام السيف في مرحلة متأخرة عند منع تبليغ الإسلام سلما . إذن فالإسلام شرع القتال عند الامتناع عن دفع الجزية أو الوقوف حائلا دون نشر الدين فضلا عن شرعه للدفاع عن النفس . ( المترجم )
([36]) ( أهماج ) : جمع همج : ( وهم ) الرعاع من الناس لا نظام لهم . ( المعجم الوسيط ) .
([37]) يشير المؤلف هناك إلى صلاة الخوف التي صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم بالمسلمين في ساحة التقال استجابة لأمر ربه وبالكيفية التي علمها له ربه حيث يقول في كتابه العزيز : " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً ، وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً " ( النساء : 101 ، 102 ) ( المترجم )
([38]) أنظر كتاب : " زاد المعاد في هدي خير العباد " لابن قيم الجوزية . طبعة 1400 هـ - 1980 بعد المسيح . نشر المكتبة التوفيقية بالحسين م1 حـ2 ص 165 . ( المترجم )
([39]) يقول الله تبارك وتعالى : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ " ( الحجرات : 10 ) ويقول تعالى : " وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً " ( آل عمران : 103 ) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " المسلم أخ المسلم " ويقول أيضا " وكونوا عباد الله إخوانا " ( الأحاديث بمعانيها ) .
([40]) يقول الله سبحانه وتعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " ( الحجرات : 13) ويقول تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً " ( النساء : 1 ) ويقول صلى الله عليه وسلم : " الناس سواسية كأسنان المشط . ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا : " كلكم لآدم وآدم من تراب " وقال صلى الله عليه وسلم أيضا : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم " ( الأحاديث بمعانيها ) ( المترجم ) .
([41]) هو " موهانداس كرمشند غاندي " ( 1869 – 1948 بعد المسيح ) : زعيم سياسي وروحي هندي . نادى باللاعنف . وبالمقاومة السلبية ، وعمل لاستقلال الهند . " المورد " ( 1990 ) .
([42]) تترجم كلمة " جوسبل " ( Gospel ) بالبشارة . كما تترجم أيضا بالإنجيل . وأصلها في الإنجليزية القديمـة " جودسبل " ( Godspel ( 1 ) ) وهـي ترجمة للكلمـة اللاتينيـة " إفانجليوم " ( evangelium ) التي تعني حرفيا القصة الطيبة . ( قاموس تشيمبرز للقرن العشرين ) . والبعض يترجمها بالبشارة أو النبأ السار أو السعيد أو الخبر المفرح . وقد بشر الإسلام بالأخوة الدينية في أسمى معانيها ودرجاتها على أساس من تقوى الله وتكافل البشرية . وما أكثر السرور والسعادة والفرح الذي تدخله هذه البشارة على قلوب المؤمنين . ( المترجم )
([43]) ( الساذج ) : الخالص غير المشوب ، وغير المنقوش . وهي ساذجة . ( معرب ، فارسيته : سادة ) ( المعجم الوسيط ) .
([44]) يسمى هذا المنسك من مناسك الحج " بالتلبية " ولفظها : " لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك . لا شريك لك " وهي شعار الحج ودليل الإحرام . " ويقال : لبيك : لزوما لطاعتك . أو إلبابا بعد إلباب ، وإقامة بعد إقامة ، وإجابة بعد إجابة . أو معناه : إتجاهي إليك وقصدي وإقبالي على أمرك . مأخوذ من قولهم : داري تلب داره : تواجهها وتحاذيها ، وهو مصدر منصوب ثنى على معنى التأكيد . و ( لبى ) بالحج : قال : لبيك اللهم لبيك " . ( المعجم الوسيط ) ( المترجم )
([45]) لو لا يسمون الأشياء بأسمائها وينسبونها لأصحابها . فالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن وهو كلام الله وشرعه وحكمه . والله هو الذي قرر مبدأ الشورى فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه إذ يقول :
" فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " . ( آل عمران : 159 ) ومدح المسلمين فقال عنهم : " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ " ( الشورى : 38 ) . إن الديمقراطية في أفضل تصوراتها هي حرية الشعب في إبداء رأيه والمشاركة في الحكم في وطنه . وهي كما ترى لا تخلو من النقائص البشرية . أما الحكم في الإسلام فهو قائم على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والإجماع والشورى . هذا حكم الله " وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ " ( المائدة : 50 ) لا أحد ! فهلا فهم الناس الفرق ؟! ( المترجم ) .
([46]) ( النخوة ) : العظمة والتكبر . ( المعجم الوسيط )
([47]) هو " برهان فولفجانج فون جوته " ( 1749 – 1832 بعد المسيح ) : شاعر ألماني ، يعتبر أعظم الشعراء الألمان في جميع العصور . " المورد " ( 1990 ) .
([48]) جورج برنارد شو ( 1856 – 1950 بعد المسيح ) كاتب مسرحي إنجليزي إيرلندي المولد . تزخر آثاره بالظرف والسخرية . ( المورد ) ( 1990 ) .
([49]) أي أن الإنسان يولد بريئا بلا ذنوب ، بخلاف ما تعلمه المسيحية من القول بالخطيئة الأصلية للإنسان ( Original sin ) . وبأن البشرية ورثت خطيئة آدم وأن الأبناء يرثون خطايا الآباء . فالإسلام يعلم أن المرء يولد على الفطرة وأن " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ " ( المدثر : 38 ) وأن الله لا يكلف " نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ " ( البقرة : 286 ) " " وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى " ( النجم : 39 ) . " وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " ( الأنعام : 164 ) " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ " ( الزلزلة : 7 ، 8 ) ( المترجم ) .
([50]) يقول الله تبارك وتعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً " ( من الآية الأولى من سورة النساء ) .
([51]) يقول الله سبحانه وتعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ( النحل : 97 ) ويقول تبارك وتعالى : " وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ " ( النساء : 124 ) .
([52]) قال تبارك وتعالى : " لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً " ( النساء : 7 ) وقال سبحانه وتعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً " ( النساء : 19 ) . قال فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف في صفوة البيان لمعاني القرآن : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها أي تأخذوهن على سبيل الإرث ، كما يؤخذ المال الموروث بعد موت أزواجهن مكرهين لهن على ذلك ، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية . قلت : فقد كان الرجل منهم يرث زوجة أبيه ويتزوجها من بعده فنهى الله تبارك وتعالى عن ذلك في قوله : " وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً " ( النساء : 22 ) ( المترجم )
([53]) خصص رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من مسجده بالمدينة المنورة لإقامة الفقراء والمساكين الذين لا مأوى لهم . ( المترجم )
([54]) يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : كتاب الله وسنتي " ( معنى الحديث ) ( المترجم )
([55]) لقد فضح الله تعالى موقفهم المتناقض برفضهم للرسالة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم معتذرين بأنهم أهل كتاب ولهم كتاب وشرع كامل لا يزيد ولا ينقص ولا ينسخ ، صالح لكل الأزمنة والمجتمعات ، وذلك بما حفظه لنا من تحاكمهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول الله تبارك وتعالى مخاطبا محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن : " وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ " ( المائدة : 43 ) .
([56]) يصدق ذلك ما جاء في القرآن من قوله تبارك وتعالى : " قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ " ( الأنعام : 33 )
([57]) يشير المؤلف هنا إلى تلاميذ المسيح حسب ما جاء في أناجيل النصارى المعتمدة . وما يثير الدهشة هو أن النصارى يؤمنون بأن مؤلفي الأناجيل هم من هؤلاء الصيادين البسطاء . وهو الأمر الذي ينفيه العلم كما ينفيه ما تضمنته بعض تلك الأناجيل من أساليب وثقافة بعيدة كل البعد عن صيادي الجليل . ولم يكن باستطاعة أحد تلاميذ المسيح ( وكلهم يهود ) بل ولم يكن مسموحا لهم الاطلاع على هذه الثقافات والمقالات الوثنية التي وردت في الأناجيل وخاصة في إنجيل يوحنا . ونحن نستبعد نسبة أي من هذه الأناجيل لمؤلفيها المفترضين الذين تقترن أسماؤهم بها . هذا بصرف النظر عن كون المؤلف المفترض أحد تلاميذ المسيح حقا كما يزعم في متى وإلى درجة أقل في يوحنا ، أم لا ، كما نميل إلى القول بأن أحدا منهم لم يعلم الكتابة سوى متى العشار ( جاب الضرائب) استنادا لما روي عن ذلك في الأناجيل مع الافتقار إلى الدليل وفقدان العصمة ووقوع الخطأ في جميع أسفار الكتاب المقدس . راجع كتاب هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ لأحمد ديدات . ومقال بعنوان " خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس ؟ " نشر في مجلة آويك المسيحية في 8 / 9 / 1957 من منشورات دار المختار الإسلامي .
أما الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فقد مدحهم المولى سبحانه وتعالى في عدة مواضع من كتابه العزيز وشهد لهم بالإيمان وبرضى الله عنهم . وكذلك شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بالفضل والخيرية في أحاديثه .
وهذا كله خلاف وصف الكتاب المقدس لأتباع أنبياء بني إسرائيل بالكفر وقلة الإيمان وعدم الفطنة وسوء الخلق والجهل . هذا وقد سطر التاريخ بأحرف من نور سير هؤلاء الصحابة كتراث خالد للعالم كله ومعالم للهداية الإنسانية . ( المترجم )
([58]) يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد أثبت الله في كتابه المبين صفة التعليم لسيد المرسلين وأقرها له وجعلها مهمة مشروعة من مهام رسالته هذا بعكس ما يردده بعض الجهلاء من أقاويل تزعم أن دوره كان مقتصرا على تبليغ الرسالة في محاولة منهم لنفي أي دور أو مهمة تعليمية لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلم الأول للبشرية وهاديها ومرشدها وخير مبعوث وأنفعهم لها وأرحمهم بها ويقول الله تبارك وتعالى في ذلك :
" هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ " ( الجمعة : 2 ) ( المترجم )
([59]) جاء فـي الأصل الإنجليزي جملـة ( Protector pf Slaves ) بمعنـى حامـي العبيد والمدافع عنهم . وكلمـة ( Protector ) الإنجليزيـة المستخدمـة هنـا قريبة فـي معناها مـن كلمـة ( Advocate ) التـي تعنـي " المحامـي " و " المؤيـد " ( لقضيـة أو إقتراح ) والفعـل ( Advocate ) معنـاه : يدافع عـن أو يؤيـد كما جـاء فـي " المورد " ( 1990 . بعـد المسيـح ) .
وكلمة ( Advocate ) هـي إحدى الترجمات الإنجليزيـة لكلمة " البارقليـط " ( Paraclete ) التـي وردت فـي إنجيل يوحنـا علـى لسان السيد المسيـح ( عليه السلام ) باعتباره " إسم " النبـي الموعود . ويقول علماء اللغة إن كلمة " بارقليط " تحريف لكلمة بيرقليـط ( Periclyte ) وهـي الكلمة التـي يعتقـد أن السيد المسيح ( عليه السلام ) تلفـظ بها . وقـد قال بعض علماء أهل الكتاب ( مـن أسلم منهم ومن لم يسلم ) أنها كلمة سريانية أو أرامية بمعنـى " أحمد " أو الإنسـان الذي يحمـد حمدا كثيرا . لمزيـد مـن التفصيل . راجع كتاب : " مـن المعمدانيـة إلـى الإسلام " قصـة إسلام الأمريكيـة المهتديـة جهادة جلكريز . التعليق رقم ( 1 ) ( ص 24 ، 25 ) ورقم ( 2 ) ( ص 26 ، 27 ) وقـد قمت بترجمتـه والتعليق عليه وصـدر ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " . نشـر المختار الإسلامي بالقاهرة . راجـع أيضا ( ص 28 - 31 ) مـن هذا الكتاب .
([60]) نعم إن محمدا صلى الله عليه وسلم حرر المرأة كما حرر الرجل ولكن مفهوم الحرية الذي نقصده ليس حرية أن تفعل كل ما تشاء كيف تشاء متى تشاء وإنما هي حرية قيمة تؤدي بالمرأة إلى الإيمان بالله والخضوع والاستسلام له ومعرفة الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين والانصياع لأوامره ونواهيه . فمنتهى الحرية أن تتحرر من جهل وأوهام وخرافات التعددية والشرك والتثليث والمفاهيم الباطلة والعقائد المتهافتة والشرائع الناقصة والجائرة والعادات الجاهلية وتكون عبدا مُخلِصاً مُخلَصَاً لله الواحد القهار . ( المترجم )
([61]) إن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يدع أنه ملكا ولم يدع لنفسه أي لقب من الألقاب التي يلقب بها الناس أنفسهم مثل لقب الإمبراطور أو قيصر أو كسرى أو عظيم القبط أو خاقان البحرين أو شاهنشاه ( أي ملك الملوك ) أو الفيورير ( أي الزعيم المطلق ) أو الميكادو ( أي الباب العالي ) أو الزعيم الخالد أو القائد الملهم أو زعيم " النظام العالمي الجديد " أو غيرها من الألقاب .. وإنما ادعى لنفسه لقبين لا ينفكان عن بعضهما البعض : عبد الله ورسوله . عبد الله أولا ، يقر فيها ويشهد برسالته ومهمته التي اختصه الله وشرفه وكلفه بها للعالمين . ( المترجم )
([62]) حقا إن محمدا صلى الله عليه وسلم هو سيد البشر . وليس بدعا أن يقال له " سيد " في النطاق البشري فقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم عن نبيه يحيى عليه السلام : " فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ " ( آل عمران : 39 ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " وبين سبب اكتسابه هذه المنزلة والسيادة بين بني آدم كلهم هو أن جميع البشر بما فيهم الرسل والأنبياء يأتي كل منهم يوم القيامة يقول : " نفسي ، نفسي " ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول " أمتي ، أمتي " . فصلوات ربي وسلامه وبركاته عليك وعلى آلك يا نبي الرأفة والرحمة يا سيدي يا رسول الله . ( المترجم ) .
([63]) هو " رينيه ديكارت " ( 1596 – 1650 بعد المسيح ) : فيلسوف وفيزيائي ورياضي فرنسي . يعتبر مؤسس الفلسفة الحديثة " المورد " ( 1990 ) .
([64]) هو " أدولف هتلر " ( Adolf Hitler ) ( 1889 – 1945 بعد المسيح ) زعيم ألمانيا النازية . أدت سياسته التوسعية إلى نشوب الحرب العالمية الثانية . إنتحر " المورد " ( 1990 ) .
([65]) هو توماس كارلايل ( 1795 – 1881 ) : كاتب ومؤرخ وفيلسوف انجليزي ( المورد ) ( 1990 ) .
([66]) عذر كارلايل أن ثقافته مستمدة من الكتاب المقدس حيث يقال له أن إسماعيل ( عليه السلام ) كان إنسانا وحشيا . واستنادا إلى ذلك سواء بوعي أو من غير وعي منه أطلق صفة " الوحشية " على العرب بني إسماعيل عليه السلام . فقد جاء في الكتاب المقدس " وإنه ( أي اسماعيل ) يكون إنسانا وحشيا " . ( التكوين 16 : 12 ) .
([67]) ( الفيلق ) وحدة من ثلثمائة إلى ستمائة جندي في زمن قدماء الرومان " قاموس تشيمبرز للقرن العشرين " طبعة الهند ( 1972 ) .
([68]) يقصد محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . ( المترجم ) .
([69]) استجابة وطاعة لأمر ربه في القرآن الكريم : " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً " ( المزمل : 1 - 4 ) ( المترجم )
([70]) ( الأزير ) : يقال لجوفه أزير : صوت . و ( أز ) – أزا ، وأزيرا ، وأزازا : تحرك واضطرب . و ( أزَّ ) : صوَّت من شدة الحركة أو الغليان ويقال : ( أز ) الرعد والقدر والطائرة . و ( أز ) القدر وبها : جعلها تئز من الغليان . ( المعجم الوسيط ) .
([71]) ( المرجل ) : القدر من الطين المطبوخ ، أو النحاس . ( المعجم الوسيط ) .
([72]) هذا العنوان وما بعده من كلام المؤرخ الفرنسي لامارتين ملحق بنهاية الفصل الرابع من هذا الكتاب كهامش ، مما يرجح أنه إضافة من قبل المركز العالمي للدعوة الإسلامية في دربان بجمهورية جنوب إفريقية . وقـد رأينا لاعتبارات فنية جعله في المتن الأصلي للكتاب مع وجوب التنويه على ذلك . ( المترجم )
([73]) هو " ألفونس دو لامارتين " ( Alphonse de Lamartine ) ( 1790 – 1869 بعد المسيح ) شاعر وسياسي فرنسي . يعتبر أحـد أكبر شعراء المدرسة الرومانتيكية الفرنسية . " المورد " ( 1990 ) .
([74]) ( الأنصاب ) : جمع مفرده نصب . ( والنصب ) : ما يذبح عليه لغير الله . يقول الله تبارك وتعالى : " وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ " ( المائدة : 3 ) ويقول خالد الزعفراني في مصحف القادسية المفسر مختصر تفسير الطبري : ( وما ذبح على النصب ) يعني حرم عليكم – أيضا – ما ذبح على النصب وهي الأوثان ، وكانت حجارة تجمع ، ويذبح عليها " ويقول أيضا " ( الأنصاب ) التي كانوا يذبحون عندها " ويقول سبحانه وتعالى : " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ " ( المائدة : 90 ) و ( النصب ) أيضا : ما نصب وعبد من دون الله . ( المعجم الوسيط ) . ( المترجم )
([75]) ( اللاهوت ) : الألوهية ، كما يقال الناسوت : لطبيعة الإنسان . و ( علم اللاهوت ) : علم يبحث في وجود الله وذاته وصفاته . ويقوم عند المسيحيين مقام علم الكلام عند المسلمين وسمى أيضا علم الربوبية والإلهيات ، ( المعجم الوسيط ) . قلت : ومقارنته بعلم الكلام عند المسلمين فيه نظر لما ورد في الحديث النبوي من النهي عن التفكر في ذات الله لأنه يؤدي إلى الهلاك . ( المترجم )
([76]) يعني أن العقيدة الإسلامية كانت أشمل وأدق فيما يتعلق بأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته وأفعاله وذلك حين أثبتت ما أثبته الله تبارك وتعالى لنفسه من أسماء وصفات وأفعال في القرآن الكريم وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك في أحاديثه . ونفت ما نفاه الله تعالى عن نفسه من أسماء وصفات وأفعال في القرآن الكريم وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك في أحاديثه . ( المترجم )
([77]) ( الأمين ) : صفة من صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم اشتهر بها بين الناس حتى قبل بغثته . فقد عرف بالصادق الأمين . والكلمة التي استخدمها المؤلف في الأصل الإنجليزي هي " أونست " ( honest ) وهي تعني الأمين وتعني أيضا الصادق والمحترم والفاضل والمستقيم والصريح والمخلص . وكما هو معروف فإنها جميعها صفات تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم . وقد اخترنا ترجمتها بلفظ الأمين لأنها الصفة التي اتصف بها وشاركه الأنبياء من قبله في الاتصاف بها كما جاء في القرآن الكريم عن موسى عليه السلام في قوله تبارك وتعالى : " يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " ( القصص : 26 ) ( المترجم )
([78]) نحن نؤمن بأن القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة القولية والفعلية والتقريرية وحي من عند الله كما قال الله تبارك وتعالى : واصفا عبده ورسوله في كتابه : " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى " ( النجم : 3 – 5 ) . وقال سبحانه وتعالى : " وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ " ( التحريم : 3 ) وهو يدل على أن ثمة وحي آخر غير القرآن الكريم يظهر الله نبيه عليه . وكما قال صلى الله عليه وسلم : " ألا إنني أوتيت القرآن ومثله معه " ( معنى الحديث ) . ( المترجم )
([79]) يقول الله تبارك وتعالى : " وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً " ( النساء : 164 ) وقال سبحانه وتعالى : " وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ " ( فاطر : 24 ) ( المترجم ) .
([80]) يقول الله تبارك وتعالى لنبيه في القرآن الكريم : " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " ( الكهف : 110 ) ( المترجم )
([81]) الخلق كله هو من أجل هدف حكيم عادل . ولكن الناس عادة لا يدركون ولا يفهمون ذلك ، لأنهم منغمسون في جهلهم وحماقتهم وأهوائهم ( المؤلف أو المركز العالمي للدعوة الإسلامية في دربان بجمهورية جنوب إفريقية ) .
ملحوظة : هذا كلام المؤلف الهندوسي .
([82]) هو " عبد الله بن أحمد " ( المعروف بابن البيطار ) ( توفى عام 1248 بعد المسيح ) : عالم نبات عربي أشهر مصنفاته : " الأدوية المفردة " . " المورد " ( 1990 )
([83]) البيروني ( 973 – 1048 بعد المسيح ) : مؤرخ ورياضي وعالم فلكي عربي . قال بأن الأرض تدور حول محورها . " المورد " ( 1990 ) .
([84]) أرسطو ( 384 – 322 قبل ميلاد المسيح ) : فيلسوف يوناني . يعد واحدا من أعظم الفلاسفة في جميع العصور . " المورد " ( 1990 ) .
([85]) جالينوس ( 129 – 199 ؟م ) : طبيب يوناني . يعد أحد أكبر الأطباء في العصور القديمة " المورد " ( 1990م ) .
([86]) ما هو مصدر ثقافة العرب وحضارتهم غير القرآن والإسلام . أنظر كتاب " التراث العربي للحضارة الغربية " تأليف " روم لاندو " وسوف نقوم بترجمته والتعليق عليه بعون الله قريبا إن شاء الله . ( المترجم )
([87]) يقـول الله تبارك وتعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " ( الذاريات : 56 ) ( المترجم )
([88]) هذه هي مسيحية بولس كما شرحها في رسائله التي بلغت أربع عشرة رسالة أو سفرا من بين سبع وعشرين سفرا هي مجموع أسفار كتاب المسيحيين المقدس المعروف بالعهد الجديد . واشتهر بولس بلقب الرسول وهو اللقب الذي يطلقه المسيحيون أيضا على تلاميذ المسيح الإثني عشر الذين ينسب إليه اختيارهم . وبولس هذا ليس من تلاميذ المسيح بل ولم يشاهده ولم يتلق منه حرفا واحدا من الإنجيل بل كان مضطهدا لأتباعه . وهو الذي تزخر رسائله بما يخلف تعاليم المسيح عليه السلام والنبيين من قبله وهو الذي نقض الوصايا والناموس أو الشريعة وأحل أتباع المسيح من التكاليف والأعمال وقال أن الإنسان لا يتبرر بالأعمال أو بحفظ الناموس ولكن بالإيمان : بيسوع ابن الله الوحيد المصلوب . وقال إنه لم يزمع أن يعرف شيئا إلا المسيح وإياه مطلوبا . وهو الذي ادعى افتراء وكذبا رؤية المسيح بعد رفعه وأنه اختاره وأرسله إلى الأمميين . وأن الله أفرزه ( أي اختاره ) وهو لم يزل جنينا في بطن أمه ؟! كما تزخر رسائل بولس بالعقائد والتعاليم الوثنية وبالنفاق والاضطراب والتذبذب . وقد وصفه أحد تلاميذ المسيح عليه السلام في إحدى أسفار العهد الجديد بالهذيان وبأن قراءاته الكثيرة في كتب الفلاسفة وأساطير الأولين قد أفسدت عقله . إن ملايين المسيحيين يقدسون بولس ويقدمونه حتى على المسيح نفسه ، سيد بولس ومولاه وربه في زعمه . وقد حذر المسيح من أنبياء كذبة ورسل كذبة وقال : " فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى " أصغر " في ملكوت السموات " ( متى 5 : 18 ) . وهذا هو عين ما فعله بولس فهو الأولى بذلك اللقب كما قال سيده . فلا شك أن بولس هو " الأصغر " في ملكوت الله وهو " الرسول الكذاب " وهو " ضد المسيح " . ولا شك أن بولس هو مبدل دين المسيح وليس أعظم من بشر به كما يعتقد أكثر المسيحيون المضللون . راجع تعليقنا على كتاب " الخمر بين المسيحية والإسلام " تأليف أحمد ديدات والمركز العالمي للدعوة الإسلامية بجمهورية جنوب إفريقية ( ص 12 – 14 ) بالهامش وقد قمت بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " . وانظر كتاب " حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر " للأستاذ اللواء المهندس أحمد عبد الوهاب . نشر مكتبة وهبة بالقاهرة . ( المترجم )
([89]) كما هو حال اليهود الذين يبالغون في التقيد الشديد بالأشكال الخارجية في الدين وبالطقوس الدينية وميلهم إلى الإتباع الحرفي للشريعة مع تجاهلهم لقصدها ومعناها الحقيقي وتنافيها مع الإيمان الصحيح . راجع ص 188 من كتاب " المسيح في الإسلام " تأليف أحمد ديدات . وقد قمت بترجمته والتعليق عليه وصدر عن دار المختار الإسلامي ضمن سلسلة ( مكتبة ديدات ) ( المترجم )
([90]) الكهف : 107
([91]) " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُـنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ " ( الاخلاص : 1 – 4 )
([92]) إن الأساس الأول الذي بني عليه الإسلام هو " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " . كما جاء في الحديث المشهور " بني الإسلام على خمس ... إلخ " . ( المترجم )
([93]) ( الفرد ) : المتفرد المتوحد . ( المعجم الوسيط )
([94]) ( القيّم ) : أمر قيّم : مستقيم . والأمة القيّمة : المستقيمة المعتدلة . وفي التنزيل العزيز : " وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ " ( البينة : 5 ) ( المعجم الوسيط ) .
([95]) " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " ( من الآية 11 من سورة الشورى )
([96]) ( جبر ) : العظم الكسير جبرا وجبورا وجبارة : أصلحه . ( المعجم الوسيط ) .
([97]) ( النسم ) : ( جمع واحدة ( النسمة ) : ( وهي ) كل كائن حي فيه روح . ( المعجم الوسيط )
([98]) " خلق الموت والحياة " : إن الموت في هذا الموضع مقدم على الحياة . كما أنه مخلوق . ولذلك فهو ليس مجرد حالة سلبية . ( المؤلف )
([99]) أورد المؤلف هنا الآية الثانية فقط من سورة الملك ولزيادة الإيضاح وفهم السياق رأينا إيراد الآية الأولى أيضا . لذا لزم التنويه . ( المترجم )
([100]) يقول الله تبارك وتعالى : " وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " . ( النساء : 6 )
ويقول الله سبحانه وتعالى : " وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى " ( من الآية 8 من سورة المائدة ) .
([101]) يقول الله تبارك وتعالى : " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ " ( مـن الآية 7 مـن سورة الحديد ) .
([102]) لا جبرية في الإسلام وإنما هو القدر . فأحد أركان الإيمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره . فالإنسان ليس مسيرا على الإطلاق ولا مخيرا على الإطلاق وإنما هو " ميسر لما خلق له " . ولمن أراد الاستزادة في هذه المسألة الخطيرة فليرجع إلى كتاب " شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل " لابن قيم الجوزية . ( المترجم )
([103]) ربما يقصد هنا الحياة البرزخية التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تبارك وتعالى : " وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ " ( من الآية 100 من سورة المؤمنين ) . قال خالد الزعفراني في مصحف القادسية المفسر مختصر تفسير الطبري : " ( برزخ ) حاجز : وهي الفترة بين البعث والموت " .
وقال تبارك وتعالى عن فرعون وأهل طاعته : " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ " ( غافر : 46 ) . وجاء في الحديث أن " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار " . مما يدل على أن الموتى ينعمون أو يعذبون في قبورهم في هذه الحياة البرزخية إلى يوم البعث وهو يوم القيامة حيث يبعثهم الله تبارك وتعالى . ويخلد المبعثون إذ لا موت " إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى " فريق في الجنة وفريق في السعير . ( المترجم )
([104]) يقول تبارك وتعالى : " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ " ( الزلزلة : 7 ، 8 )
([105]) وذلك بواسطة الملائكة الحفظة الكرام الذين أشار إليهم القرآن الكريم بقوله تبارك وتعالى : " وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ، كِرَاماً كَاتِبِينَ ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ " ( الانفطار : 10 – 12 ) وقوله سبحانه وتعالى " بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ " ( الزخرف : 80 ) وقوله تبارك وتعالى " قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ " ( يونس : 21 )
وقوله تعالى : " وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً " ( الإسراء : 13 ، 14 )
([106]) إن عذاب جهنم مادي ومعنوي أيضا . فالبعث والحشر بالجسد والروح . ومما يدل على أن عذاب جهنم مادي قول الله تبارك وتعالى : " إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً ، وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً " ( المزمل : 12 ، 13 ) وقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً " ( النساء : 56 ) وقال تعالى : " كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ " ( العلق : 15 ، 16 ) وقال تبارك وتعالى : " وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ " ( من الخامسة عشرة من سورة محمد ) وقال سبحانه وتعالى " فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ، فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ، هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ " ( الواقعة : 54 – 56 ) وقال تعالى : " إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ، طَعَامُ الْأَثِيمِ ، كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ، كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ، خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ، ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ، ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ " ( الدخان : 43 – 49 ) وقال تعالى : " وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ " ( الحج : 21 ) . كما أن عذاب جهنم قد يكون معنويا أيضا وهو ما يشير إليه قوله تعالى : " كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ " ( الحج : 22 ) ( المترجم ) .
([107]) وهي التي ورد ذكرها في القرآن الكريم على لسان امرأة العزيز في قوله تعالى : " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ " ( يوسف : 53 )
([108]) وهي التي ورد ذكرها في القرآن الكريم حيث أقسم الله سبحانه وتعالى بها في قوله تعالى : " لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ " ( القيامة : 1 ، 2 )
([109]) وهي التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى : " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ " ( الفجر : 27 )
([110]) يقول خالد الزعفراني في مصحف القادسية المفسر مختصر تفسير الطبري " ( ارجعي إلى ربك ) : تأمرها الملائكة عند البعث أن ترجع إلى جسد صاحبها ( راضية مرضية ) وعنى بـ " الرب " صاحبها " . ( المترجم )
([111]) هو " برهان فولفجانج فون جوته ( 1749 – 1832 بعد المسيح ) شاعر ألماني : يعتبر أعظم الشعراء الألمان في جميع العصور . " المورد " ( 1990 ) ومن أشهر أعماله : مسرحية " فاوست " و " الديوان الشرقي والغربي " . وقد أفرد مجموعة من قصائده في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها " أنشودة محمد " . ويغلب على شعره الطابع الصوفي . ( المترجم )
([112]) هذا الملحق موجود بنهاية الطبعة الإنجليزية الرابعة للكتاب الصادرة عن المركز العالمي للدعوة الإسلامية فـي دربان بجمهورية جنوب إفريقية فـي يونيو سنة 1988 بعد المسيح . ( المترجم ) .
([113]) إدوارد جيبون ( 1737 – 1794 بعد المسيح ) . مؤرخ إنجليزي ، يعتبر أعظم المؤرخين الإنجليز في عصره . " المورد " ( 1990 ) .
([114]) جوستنيان أويوستنيانوس الأول ( 483 – 565 بعد المسيح ) : امبراطور بيزنطي ( 527 – 565 بعد المسيح ) جمع الشرائع الرومانية ودونها . " المورد " ( 1990 ) .
([115]) هو " هاملتون الكسندر جب " ( 1895 ) : مستشرق إنجليزي . عني بتعريف الغربيين بالتراث الإسلامي . " المورد " ( 1990 )
([116]) يقصد الإسلام . ولكن كبر على المشركين ما يدعوهم محمد صلى الله عليه وسلم إليه ، فنسبوا الدعوة والرسالة إليه لكي ينفوا نبوته ورسالته ظلما وعلوا واستكبارا ومكرا ولكن هيهات " وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " ( التوبة : 32 ) راجع ص 10 – 12 مـن هذا الكتاب ( المترجم )
([117]) لقد أعطى الإسلام المرأة الحق في الحياة والحرية وقد كانت توئد من قبل وتُوَرَّث . وأعطاها الحق في أن ترث وتشهد وتبيع وتشتري وتمتلك وسمح لها بالمشاركة في البناء الروحي والفكري والمادي وبجملة الحضارى للأمة . وهي جميعها حقوق ومجالات كانت محرومة منها ومحظورة عليها من قبل أن يقررها الإسلام . ( المترجم )
([118]) إننا لن نعترض على هذه المرتبة الثانية للقرآن باعتبارها صادرة عن ناقد مسيحي للإسلام . ( المؤلف أو المركز العالمي للدعوة الإسلامية ) لمزيد من التعرف بالقرآن وأوجه عظمته إقرأ كتاب : " الطريق إلى القرآن " وسوف أقوم بترجمته والتعليق عليه ليصدر إن شاء الله ضمن سلسلة " مكتبة ديدات " نشر المختار الإسلامي بالقاهرة . ( المترجم )
([119]) آخر الإحصاءات تقدر عدد المسلمين في العالم اليوم بمليار نسمة . ( المؤلف أو المركز الإسلامي ) .
([120]) راجع فصل " المحمديون " . ( المترجم )
([121]) إن القرآن ليس " عملا " دينيا بمفهوم اللغة أو النقد الأدبي للكلمة ولكنه كتاب هداية وشريعة وتنزيل من رب العالمين . ( المترجم )
([122]) " أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له إقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة " ( إشقياء 29 : 12 ) . ترجمة دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ( 1987 م ) .